للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلتُ: وقولُ المصَنِّفينَ مِنَ الفقهاءِ وغيرِهِم: ((قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: كذا

وكذا)) ونحو ذلكَ، كُلُّهُ مِنْ قَبيلِ المعضلِ؛ لِما تقدَّمَ. وسمَّاهُ الخطيبُ أبو بكرٍ الحافظُ

في بعضِ كلامِهِ مُرْسلاً، وذلكَ عَلَى مَذهَبِ مَنْ يُسَمِّي كُلَّ مَا لا يتَّصِلُ مُرسلاً كَمَا

سبقَ.

وإذا روى تابعُ التابعِ (١) عَنْ التابعِ (٢) حديثاً موقوفاً عليه، وهو حديثٌ

متَّصِلٌ مسندٌ إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (٣)، فقدْ جَعَلَهُ الحاكِمُ (٤) أبو عبدِ اللهِ نوعاً مِنَ

المعضلِ (٥)، مثالُهُ: ((ما رُوِّيناهُ عَنِ الأعمشِ، عَنِ الشَّعبيِّ، قالَ: يُقالُ للرَّجُلِ يومَ القيامةِ: ((عَمِلْتَ كذا وكذا، فيقولُ: ما عَمِلْتُهُ فَيُخْتَمُ على فيهِ ... الحديثَ)) (٦)، فقدْ أعضَلَهُ الأعمشُ، وهوَ عِندَ الشَّعبيِّ: عَنْ أنسٍ، عَنْ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - متَّصِلاً

مُسْنَداً (٧).

قلتُ: هذا جَيِّدٌ حَسَنٌ؛ لأنَّ هَذَا الانقطاعَ بواحدٍ مضموماً إلى الوقفِ يشتملُ عَلَى الانقطاعِ باثنينِ: الصحابيِّ ورسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فذلكَ باستحقاقِ اسمِ الإعضالِ

أَوْلَى، واللهُ أعلمُ.


(١) في (ب): ((التابعي)).
(٢) في (أ) و (ب): ((التابعي)).
(٣) قال ابن حجر ٢/ ٥٨١: ((مراده بذلك تخصيص هذا القسم الثاني من قسمي المعضل، بما اختلف الرواة فيه على التابعي، بأن يكون بعضهم وصله مرفوعاً، وبعضهم وقفه على التابعي، بخلاف القسم الأول فإنه أعم من أن يكون له إسناد آخر متصل أو لا)).
(٤) في (جـ): ((الحافظ)).
(٥) معرفة علوم الحديث: ٣٧ - ٣٨.
(٦) أخرجه من هذا الوجه معضلاً الحاكم في معرفة علوم الحديث: ٣٨.
(٧) ورواه من هذا الوجه متصلاً مسنداً: مسلم ٨/ ٢٦٧ (٢٩٦٩)، والنسائي في الكبرى (١١٦٥٣)، وابن أبي حاتم - كما في تفسير ابن كثير ٣/ ٥٧٧ - وابن أبي الدنيا في التوبة وابن مردويه في تفسيره
- كما ذكره السيوطي في الدر المنثور ٧/ ٦٧ - .

<<  <   >  >>