للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والعَقَائِدِ (١). ومِمَّنْ رُوِّيْنَا عَنْهُ التَّنْصِيْصُ عَلَى التَّسَاهُلِ في نَحْوِ ذَلِكَ: عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ مَهْدِيٍّ (٢)، وأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ (٣) - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا (٤) -.

الثَّالِثُ: إذا أردْتَ رِوَايةَ الحديثِ الضعيفِ بغَيْرِ إسْنادٍ فَلاَ تَقُلْ فيهِ: ((قَالَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَذا وكَذا))، وما أشْبَهَ هَذا مِنَ الألفَاظِ الجازِمةِ بأنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ذَلِكَ (٥)، وإنَّمَا تَقُولُ (٦) فيهِ: ((رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَذَا وكَذَا، أوْ بَلَغَنا عَنْهُ كَذا وكَذا، أوْ وَرَدَ عَنهُ، أوْ جَاءَ عَنهُ، أوْ رَوَى بَعْضُهُمْ))، ومَا أشْبَهَ ذَلِكَ (٧).

وهَكَذا الْحُكْمُ فيما تَشُكُّ في صِحَّتِهِ وضَعْفِهِ (٨)، وإنَّمَا تَقُولُ: ((قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -))، فيما ظَهَرَ لَكَ صِحَّتُهُ بطريقِهِ الذي أوْضَحْنَاهُ أوَّلاً (٩)، واللهُ أعلمُ.


(١) انظر: بحثاً موفقاً لمحقق شرح السيوطي: ٥٣ - ٦٣.
(٢) رواه عنه الحاكم في المدخل إلى الإكليل: ٢٥، والبيهقي في المدخل إلى دلائل النبوة ١/ ٣٤، والخطيب في الجامع ٢/ ٩١ (١٢٦٥).
(٣) رواه الخطيب في الكفاية: (٢١٣ ت، ١٣٤ هـ‍).
(٤) قال البلقيني في المحاسن: ٢١٧: ((زاد الخطيب السفيانين ويحيى بن محمد)). وانظر: الكفاية (٢١٢ - ٢١٣ ت، ١٣٤ هـ‍).
(٥) في (ب): ((كذا)).
(٦) في (ب): ((يقول)).
(٧) نبّه الزركشي هنا على أمور هي:
- أن هذا يشمل الضعيف الذي لا يعمل به وهو الوارد في الأحكام، والضعيف الذي يعمل به وهو الوارد في الفضائل، ومن الناس من يتساهل فيما ورد في الفضائل فيجزم به، والأحوط المنع.
- يشمل هذا الحكم الموضوع أيضاً عند عدم العلم بحاله، أما مع العلم فيجب التبيين.
- أن قوله: ((بغير إسناد)) يقتضي أنه إذا روي بالإسناد يقال فيه بالجزم، وهو كذلك إتباعاً لما روي.
- خُرِّجَ من هذا أنه لا يجوز رواية الضعيف إلا مع تبيينه، وقد حكاه العلاّمة أبو شامة عن جمع من المحدّثين والمحقّقين وأهل الفقه والأصول. انظر: نكت الزركشي ٢/ ٣٢٢ - ٣٢٤.
(٨) نقل النووي اتفاق محقّقي المحدّثين وغيرهم على هذا، وأنه لا ينبغي الجزم بشيء ضعيف؛ لأنها صيغة تقتضي صحته عن المضاف إليه، فلا ينبغي أن تطلق إلا فيما صحَّ، قال: ((وقد أهمل ذلك كثير من المصنفين من الفقهاء وغيرهم، واشتد إنكار البيهقي على من خالف ذلك، وهو تساهل قبيح جداً من فاعله، إذ يقول في الصحيح: يذكر ويروى، وفي الضعيف: قال وروى، وهذا قلب للمعاني وحَيْدٌ عن الصواب. نقله محقق الإرشاد ١/ ٢٧١.
(٩) قال الزركشي ٢/ ٣٢٤: ((سكت المصنف عن عكس ذلك، وهو إذا أردت رواية الحديث الصحيح بغير إسناد فلا يأتي فيه بصيغة التمريض كـ ((رُوِيَ)) ونحوه، ووقع ذلك في عبارة الفقهاء، وليس يستحسن)).
قلنا: لم يسكت المصنف، وإنما أشار إليها إشارة واضحة مفهومة من آخر كلامه، مضمومة إلى السياق. والله أعلم.

<<  <   >  >>