للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووَرَدَ عَنِ ابنِ المبَارَكِ (١)، وأحمدَ بنِ حَنبَلٍ (٢)، والْحُمَيْديِّ (٣)، وغَيْرِهِمْ أنَّ مَنْ غَلِطَ في حديثٍ وبُيِّنَ لَهُ غَلَطُهُ فَلَمْ يَرْجِعْ عنهُ وأصَرَّ على روايةِ ذلكَ الحديثِ سَقَطَتْ رواياتُهُ، ولَمْ يُكْتَبْ عنهُ (٤).

وفي هذا نَظَرٌ (٥)، وهو غَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ إذا ظَهَرَ أنَّ ذلكَ منهُ عَلَى جِهَةِ (٦) العِنادِ أو نحوِ ذلكَ (٧)، واللهُ أعلمُ.


= الأول: أنه لَم يرتضِ إطلاق ابن الصلاح الحكم بالردّ، فقال: ((ينبغي تقييده بما إذا لم تكن قرينة تزيل الريبة عن روايته وإلا فتقبل)).
الثاني: أشار إلى أن ظاهر كلام ابن الصلاح أن المحدّث إذا حدّث من أصل صحيح فلا مبالاة بكثرة سهوه، حيث الاعتماد عندها على أصله لا على حفظه، وبنحوه ثاني الأمرين، قال الشافعي في الرسالة: ٣٨٢ (١٠٤٤)، وأسنده الخطيب عنه في الكفاية: (٢٢٨ ت، ١٤٤ هـ‍)، وبه جزم العراقي في شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ٦٠.
(١) رواه عنه الخطيب في الكفاية: (٢٢٧ ت، ١٤٣ هـ‍).
(٢) رواه عنه الخطيب: (٢٢٨ ت، ١٤٤ هـ‍).
(٣) أسنده الخطيب عنه في الكفاية: (٢٢٨ ت، ١٤٤ هـ‍).
(٤) كما روى الخطيب في الكفاية: (٢٣٧ ت، ١٥١ هـ‍) عن أبي حاتم الرازي، قال: ((دخلت الكوفة فحضرني أصحاب الحديث، وقد تعلقوا بورّاق سفيان بن وكيع، فقالوا: أفسدت علينا شيخنا وابن شيخنا، قال فبعثت إلى سفيان بتلك الأحاديث التي أدخلها عليه ورّاقه يرجع عنها، فلم يرجع عنها فتركته)).
(٥) قال محقق المقنع ١/ ٢٨١: ((يشير ابن الصلاح بهذا إلى أنه قد يوجد هذا الوصف في الثقات، يُبَيَّن خطؤهم فلا يرجعون لتيقنهم من صحة حفظهم، كما وقع لمالك - رحمه الله - في روايته عن عُمَرَ بن عثمان، وغيره يقول: عَمْرو بن عثمان، فَبُيِّنَ له فلم يرجع، كما تقدم في نوع المنكر)).
(٦) في (جـ): ((على وجه)).
(٧) قال العراقي: ١٥٦ - ١٥٧: ((ما ذكره المصنف بحثاً قد نص عليه أبو حاتم بن حبان، فقال: ((إن من بيّن له خطؤه وعَلِمَ، فلم يرجع وتمادى في ذلك كان كذاباً بعلم صحيح)). فقيّد ابن حبان ذلك بكونه عَلِمَ خطأه، وإنما يكون عناداً إذا علم الحق وخالفه.
وقيَّد أيضاً بعض المتأخرين ذلك: بأن يكون الذي بيّن له غلطه عالماً عند المبين له، أما إذا كان ليس بهذا المثابة عنده، فلا حرج إذن)).

<<  <   >  >>