للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قُلْتُ: وكَذَا إذا قِيْلَ ثَبْتٌ أوْ حُجَّةٌ (١)، وكَذَا إذا قِيْلَ في العَدْلِ: إنَّهُ حَافِظٌ أوْ ضَابِطٌ، واللهُ أعْلَمُ.

الثَّانيةُ: قَالَ ابنُ أبي حاتِمٍ: ((إذا قِيْلَ: إنَّهُ صَدُوْقٌ، أوْ مَحَلُّهُ الصِّدْقُ (٢)، أوْ لاَ بأسَ بهِ، فَهوَ مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ ويُنْظَرُ فيهِ، وهِيَ المنْزِلَةُ الثَّانِيَةُ)) (٣).

قُلْتُ: هذا كَما قالَ؛ لأنَّ هذهِ العِبَاراتِ لاَ تُشْعِرُ بشَرِيْطَةِ الضَّبْطِ، فَيُنْظَرُ في حَدِيْثِهِ ويُخْتَبَرُ حَتَّى يُعْرَفَ ضَبْطُهُ. وقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ طرِيْقِهِ في أوَّلِ هذا النَّوْعِ. وإنْ لَمْ يَسْتَوْفِ النَّظَرَ المعرِّفَ لكوْنِ ذَلِكَ المحدِّثِ في نفسِهِ ضابطاً مُطْلَقاً، واحْتَجْنا إلى حديثٍ مِنْ حديثِهِ، اعتبَرْنا ذلكَ الحديثَ ونَظَرْنا: هَلْ لَهُ أصْلٌ مِنْ رِوَايةِ غَيْرِهِ؟ كما تَقَدَّمَ بيانُ طَرِيْقِ الاعتِبَارِ في النَّوْعِ الخامِسَ عَشَرَ.

ومشْهُورٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بنِ مَهْدِيٍّ (٤) - القُدْوَةِ في هذا الشَّأْنِ - أنَّهُ حدَّثَ، فقالَ: ((حَدَّثَنا أبو خَلْدَةَ)) (٥)، فقِيْلَ لهُ: ((أكَانَ ثِقَةً؟) فقالَ: ((كَانَ صَدُوْقاً، وكَانَ مَأْمُوْناً، وكَانَ خَيِّراً - وفي روايةٍ: وكَانَ خِيَاراً - الثِّقَةُ شُعْبَةُ وسُفْيَانُ)) (٦). ثُمَّ إنَّ ذلكَ مُخَالِفٌ لِمَا وَرَدَ عَنِ ابنِ أبي خَيْثَمَةَ، قالَ: ((قُلْتُ ليَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ (٧): إنَّكَ


(١) انظر: نكت الزركشي ٣/ ٤٣٢، ومحاسن الاصطلاح: ٢٣٧، والتقييد والإيضاح: ١٥٧.
(٢) راجع التقييد والإيضاح: ١٥٨، وتدريب الراوي ١/ ٣٤٥، والنكت والوفية: ٢٣٦/ ب، ومباحث في علم الجرح والتعديل: ٣٩.
(٣) الجرح والتعديل ٢/ ٣٧.
(٤) انظر: محاسن الاصطلاح: ٢٣٨، والتقييد: ١٥٨.
(٥) هو خالد بن دينار التميمي السعدي، وأبو خلدة البصري الخياط، مشهور بكنيته، تابعي صغير، توفي سنة (١٥٢ هـ‍).
وخَلْدَة - بفتح المعجمة وسكون اللام -. انظر: الكاشف ١/ ٣٦٣، والتقريب (١٦٢٧).
(٦) الكنى والأسماء للدولابي ١/ ١٦٥، والجرح والتعديل ٣/ ٣٢٨، والكفاية: (٥٩ - ٦٠ ت، ٢٢ هـ‍).
(٧) راجع نكت الزركشي ٣/ ٤٣٣ - ٤٣٤.

<<  <   >  >>