للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قُلْتُ: ومِنْهُمْ مَنْ أثْبَتَ لَهُ سَمَاعاً مِنْ أبي هُرَيْرَةَ (١)، واللهُ أعلَمُ.

ثُمَّ يَتْلُو ذَلِكَ قَوْلُ: أخْبَرَنا وَهوَ كَثِيْرٌ في الاسْتِعْمالِ، حَتَّى إنَّ جَمَاعةً مِنْ أهْلِ العِلْمِ كَانُوا لاَ يَكَادُونَ يُخْبِرُونَ عَمَّا سَمِعُوهُ مِنْ لَفْظِ مَنْ حَدَّثَهُمْ إلاَّ بقَوْلِهِمْ: أخْبَرَنا، مِنْهُم: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، وعَبْدُ اللهِ بنُ المبارَكِ، وهُشَيْمُ بنُ بَشِيْرٍ وعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوسَى، وعَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ هَمَّامٍ، ويَزِيْدُ بنُ هَارُونَ، وعَمْرُو بنُ عَوْنٍ ويَحْيَى بنُ يَحْيَى التَّمِيْمِيُّ، وإسْحاقُ بنُ رَاهَوَيْهِ، وأبو مَسْعُودٍ أحمدُ بنُ الفُرَاتِ، ومحمَّدُ بنُ أيُّوبَ الرَّازِيَّانِ،

وغَيْرُهُمْ (٢). وذَكَرَ الخطيبُ عَنْ محمَّدِ بنِ رَافِعٍ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ يَقُولُ: أخْبَرَنا حَتَّى قَدِمَ أحمدُ بنُ حَنْبَلٍ وإسْحَاقُ بنُ رَاهَويهِ فقَالاَ لَهُ: قُلْ: ((حَدَّثَنا) فَكُلُّ مَا سَمِعْتَ مَعَ هَؤلاَءِ قالَ: ((حَدَّثَنا) وما كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ: ((أخْبَرَنا)) (٣). وعَنْ محمَّدِ بنِ أبي الفَوَارِسِ الحَافِظِ، قَالَ: هُشَيْمٌ، ويَزِيْدُ بنُ هَارُونَ، وعَبْدُ الرَّزَّاقِ لاَ يَقُولُونَ إلاَّ:

((أخْبَرَنا) فإذا رَأَيْتَ: ((حَدَّثَنَا))، فَهُوَ مِنْ خَطَأِ الكَاتِبِ (٤)، واللهُ أعلمُ.

قُلْتُ: وَكَانَ هذا كُلُّهُ قَبْلَ أنْ يَشِيْعَ تَخْصِيْصُ أخْبَرَنا بما قُرِئَ عَلَى الشَّيْخِ، ثُمَّ يَتْلُو قَوْلَ أخْبَرَنا قَوْلُ أنْبَأَنَا ونَبَّأَنَا، وهوَ قَلِيْلٌ في الاسْتِعْمَالِ.

قُلْتُ: حَدَّثَنا وأخْبَرَنا أرفعُ مِنْ سَمِعْتُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، وهيَ أنَّهُ لَيْسَ في سَمِعْتُ دلاَلَةٌ عَلَى أنَّ الشَّيْخَ رَوَّاهُ الحديثَ وخَاطَبَهُ بهِ، وفي حدَّثَنا، وأخْبَرَنا دلاَلَةٌ عَلَى أنَّهُ خَاطَبَهُ بهِ ورَوَّاهُ لَهُ أوْ هُوَ مِمَّنْ فُعِلَ بهِ ذَلِكَ. سَأَلَ الخطِيْبُ أبو بَكْرٍ الحافِظُ (٥) شَيْخَهُ أبا بَكْرٍ البَرْقَانيَّ (٦) الفَقِيْهَ الحافِظَ - رَحِمَهُما اللهُ تَعَالَى - عَنِ السِّرِّ في كَوْنِهِ يَقُولُ فيما رَوَاهُ لَهُمْ


(١) انظر: جامع التحصيل: ١٦٤، ونكت الزركشي ٣/ ٤٧٦ - ٤٧٨.
(٢) هذا النص في الكفاية: (٤١٣ - ٤١٤ ت، ٢٨٤ - ٢٨٥ هـ‍).
(٣) الكفاية: (٤١٥ ت - ٢٨٦ هـ‍).
(٤) المصدر السابق.
(٥) الكفاية: (٤١٧ ت، ٢٨٧ هـ‍).
(٦) قال الزركشي ٣/ ٤٨٧: ((مثل هذه الحكاية ما روي عن النسائي أنه فيما رواه عن الحارث ابن مسكين يقول: قراءةً عليه وأنا أسمع، ولا يقول: أخبرنا ولا حدثنا فإن الحارث كان يتولى قضاء مصر، وبينه وبين النسائي خشونة لم يمكنه حضور مجلسه، فكان يتستر في موضع ويسمع حيث لا يراه أحد فلذلك تورع وتحرى)).

<<  <   >  >>