للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووَرَدَ عَنِ الأوْزَاعِيِّ أنَّهُ خَصَّصَ الإجَازَةَ بِقَوْلِهِ: ((خَبَّرَنا)) بالتَّشْديدِ، والقِرَاءةَ عليهِ بقولِهِ: ((أخْبَرَنا)) (١)، واصْطَلَحَ قومٌ مِنَ المتأخِّرِينَ عَلَى إطْلاَقِ: ((أنْبَأَنا)) في الإجَازَةِ، وهوَ اختِيارُ الوليدِ بنِ بَكرٍ - صَاحبِ " الوجازَةِ في الإجَازَةِ " (٢) -. وقدْ كَانَ ((أنْبَأَنا)) عِنْدَ القَومِ فِيْمَا تَقَدَّمَ بِمَنْزِلَةِ ((أخْبَرَنَا)) وإلى هَذَا نَحَا الحافِظُ المتْقِنُ أبو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ إذْ كَانَ يَقُولُ: ((أنْبَأَنِي فُلاَنٌ إجَازَةً)) وفيهِ أيضاً رِعَايَةٌ لاصْطِلاَحِ المتأخِّرينَ، واللهُ أعلمُ.

ورُوِّيْنا عَنِ الحاكِمِ (٣) أبي عبدِ اللهِ الحافِظِ - رَحِمَهُ اللهُ - أنَّهُ قَالَ (٤): ((الذي أَخْتَارُهُ وعَهِدْتُ عليهِ أكثَرَ مَشايخي وأئِمَّةِ عَصْرِي أنْ يَقُولَ فيما عَرَضَ عَلَى المحدِّثِ فأجَازَ لهُ روايتَهُ شِفَاهاً: ((أنْبَأَنِي فُلاَنٌ) وفيمَا كَتَبَ إليهِ المحدِّثُ مِنْ مدينةٍ وَلَمْ يُشَافِهْهُ بالإجَازَةِ: ((كَتَبَ إليَّ فُلاَنٌ)) (٥).

ورُوِّيْنا عَنْ أبي عَمْرِو بنِ أبي جَعْفَرِ بنِ حَمْدانَ النَّيْسَابوريِّ، قَالَ سَمِعْتُ أبي يَقُولُ: كُلُّ مَا قَالَ البُخَارِيُّ: ((قَالَ لي فُلاَنٌ))، فهوَ عَرْضٌ ومُنَاوَلَةٌ)) (٦).


(١) أسنده الرامهرمزي في المحدّث الفاصل: ٤٣٢، والخطيب في الكفاية: (٤٣٤ ت، ٣٠٢ هـ)، والقاضي عياض في الإلماع: ١٢٧. قال العراقي في شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ١٧٣: ((ولم نجل من النِّزاع أنَّ خَبَّر وأخبر واحد من حيث اللغة، ومن حيث الاصطلاح المتعارف بين أهل الحديث)).
(٢) ذكره البقاعي في نكته الوفية: ٢٦٧ / ب باسم: " الوجازة في تجويز الإجازة "، وكذا في تدريب الراوي ٢/ ٣٠، ومعجم المؤلفين ١٣/ ١٧٠، وكذا ذكره المصنف في مبحث إعلام الراوي: ٣٣٥، وانظر: الكفاية: (٤٧٤ ت، ٣٣٢ هـ).
(٣) انتقد الزركشي هذا الصنيع فقال في نكته ٣/ ٥٤٣: ((وفيه إبهام لِمَا تقرَّر أن قول الراوي: ((قال لي فلان، أو سمعته منه)) إطلاق لا يستعمل إلا في السماع، فكيف يقال مطلقاً: ((قال لي)) من غير تقييد ويكون مناولةً وعرضاً إلا أنه اصطلاح)).
(٤) معرفة علوم الحديث: ٢٦٠.
(٥) بعد هذا في (ع): ((قال))، ولم ترد في شيء من النسخ ولا في (م).
(٦) هذا القول تعقبه الحافظ ابن حجر في نكته على ابن الصلاح ٢/ ٦٠١، فقال: ((فيه نظر؛ فقد رأيت في الصحيح عدة أحاديث قال فيها: قال لنا فلان، وأوردها في تصانيفه خارج الجامع بلفظ: ((حدثنا))، ووجدت في الصحيح عكس ذلك، وفيه دليل على أنهما متردفان، والذي تبين لي بالاستقراء من صنيعه أنه لا يعبر في الصحيح بذلك إلا في الأحاديث الموقوفة أو المستشهد بها فيخرج ذلك حيث يحتاج إليه عن أصل مساق الكتاب)). وانظر: الفتح ٢/ ١٨٨ و ٩/ ٤٣٣ و ١٠/ ١١.

<<  <   >  >>