للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمَّا إذا لَمْ يُعَارِضْ كِتَابَهُ بالأصْلِ أصْلاً فَقَدْ سُئِلَ الأُسْتَاذُ أبو إسْحَاقَ الإسْفِرَايينيُّ عَنْ جَوَازِ رِوَايَتِهِ منهُ (١) فأجَازَ ذلكَ. وأجَازَهُ الحافِظُ أبو بَكْرٍ الخطِيبُ (٢) أيضاً وبَيَّنَ شَرْطَهُ، فَذَكَرَ أنَّهُ يُشْتَرَطُ أنْ تَكُونَ نُسْخَتُهُ نُقِلَتْ مِنَ الأصْلِ وأنْ يُبَيِّنَ عندَ الروايةِ أنَّهُ لَمْ يُعَارِضْ. وحَكَى عَنْ شَيخِهِ أبي بَكرٍ البَرْقَانِيِّ أنَّهُ سَأَلَ أبا بكرٍ الإسْمَاعِيلِيَّ: ((هَلْ للرَّجُلِ أنْ يُحَدِّثَ بِمَا كَتَبَ عَنِ الشَّيْخِ ولَمْ يُعَارِضْ بأصْلِهِ؟) فقالَ: ((نَعَمْ، ولَكِنْ لاَ بُدَّ أنْ يُبَيِّنَ أنَّهُ لَمْ يُعَارِضَ)) (٣). قالَ: وهذا هوَ مَذْهَبُ أبي بَكْرٍ البَرْقَانِيِّ، فإنَّهُ رَوَى لَنا أحَادِيْثَ كَثِيْرَةً قَالَ فيها: ((أخْبَرَنا فُلاَنٌ، ولَمْ أُعَارِضْ بالأصْلِ)) (٤).

قُلْتُ: ولاَ بُدَّ مِنْ شَرْطٍ ثَالِثٍ (٥)، وهوَ أنْ يَكُونَ ناقِلُ النُّسْخَةِ مِنَ الأصْلِ غَيْرَ سَقِيْمِ النَّقْلِ، بلْ صَحِيْحَ النَّقْلِ قَلِيْلَ السَّقْطِ، واللهُ أعلمُ.

ثُمَّ إنَّهُ يَنْبَغِي أنْ يُرَاعِيَ في كِتَابِ شَيْخِهِ بالنِّسْبَةِ إلى مَنْ فَوْقَهُ مثلَ ما ذَكَرْنا أنَّهُ يُرَاعِيهِ مِنْ كِتَابِهِ، ولاَ يَكُونَنَّ (٦) كَطَائِفَةٍ مِنَ الطَّلَبَةِ إذا رَأَوْا سَماعَ شَيْخٍ لِكِتابٍ قَرَؤُوْهُ عليهِ مِنْ أيِّ نُسْخَةٍ اتَّفَقَتْ، واللهُ أعلمُ.

الحادِي عَشَرَ: المخْتَارُ في كَيْفِيَّةِ تَخْرِيجِ السَّاقِطِ في الحواشِي ويُسَمَّى اللَّحَقَ (٧) - بفتحِ الحاءِ - وهوَ أنْ يُخَطَّ مِنْ مَوْضِعِ سُقُوطِهِ مِنَ السَّطْرِ: خَطّاً صَاعِداً إلى فَوْقُ، ثُمَّ


(١) في (أ): ((عنه)).
(٢) الكفاية: (٣٥٢ ت، ٢٣٩ هـ).
(٣) الكفاية: (٣٥٣ ت، ٢٣٩ هـ).
(٤) المصدر السابق.
(٥) انظر: نكت الزركشي ٣/ ٥٨٦.
(٦) في (م): ((ولا يكون منه))، وفي الشذا: ((ولا يكون)).
(٧) قال العراقي في شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ٢٢٣: ((أهل الحديث والكتَّابة يسمّون ما سقط من أصل الكتاب، فألحق بالحاشية أو بين السطور: اللَّحَق - بفتح اللام والحاء المهملة معاً -.
وأمَّا اشتقاقه فيحتمل أنه من الإلحاق، قال الجوهري: اللَّحَق -بالتحريك- شيء يلحق بالأول، قال: واللَّحَق أيضاً من التمر الذي يأتي بعد الأول. وقال صاحب المحكم: اللَّحَق: كل شيء لَحِقَ شيئاً أو أُلحِقَ به من الحيوان والنبات وحمل النخل، ويحتمل أنه من الزيادة يدل عليه كلام صاحب المحكم فإنه قال: اللَّحَق: الشيء الزائد - ثم قال وقد وقع في شعر نسب إلى أحمد بن حنبل -بإسكان الحاء- ثُمَّ قال بعد إيراده: وكأنه خفَّف حركة الحاء؛ لضرورة الشعر)). =

<<  <   >  >>