للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَقَدْ حَدَّثَنِي بِمَرْوَ الشَّيْخُ أبو الْمُظَفَّرِ بنُ الحافِظِ أبي سَعْدٍ (١) الْمَرْوَزِيُّ (٢) عَنْ

أبيهِ عَمَّنْ حَدَّثَهُ مِنَ الأصبَهانِيَّةِ أنَّ عبدَ الرَّحْمَانِ بنَ أبي عبدِ اللهِ بنِ مَنْدَه قرَأَ ببغْدَادَ

جُزْءاً عَلَى أبي أحمدَ الفَرَضِيِّ (٣) وسَأَلَهُ خَطَّهُ لِيَكُونَ حُجَّةً لهُ. فقالَ لهُ أبو أحمدَ:

((يا بُنَيَّ! عليكَ بالصِّدْقِ، فإنَّكَ إذا عُرِفْتَ بهِ لاَ يُكَذِّبُكَ أحَدٌ، وتُصَدَّقُ فيما تَقُولُ وتَنْقُلُ، وإذا كَانَ غيرَ ذلكَ فلوْ قِيْلَ لَكَ: ما هذا خَطُّ أبي أحمدَ الفَرَضِيِّ، ماذَا تَقُولُ

لَهُمْ؟)).

ثُمَّ إنَّ عَلَى كاتِبِ التَّسْمِعِ التَّحَرِّيَ والاحْتِياطَ، وبيانَ السَّامِعِ والمسْمُوعِ منهُ

بلفْظٍ غيرِ مُحْتَملٍ (٤) ومُجَانَبَةَ التَّسَاهُلِ فيمَنْ يُثْبِتُ اسْمَهُ، والحذَرَ مِنْ إسْقاطِ اسْمِ

واحِدٍ (٥) منهُم لغَرَضٍ فاسِدٍ. فإنْ كَانَ مُثْبِتُ السَّماعِ غيرَ حاضِرٍ في جميعِهِ، لكنْ أثْبَتَهُ مُعْتَمِداً عَلَى إخْبَارِ مَنْ يَثِقُ بخبَرِهِ مِنْ حاضِرِيهِ، فلاَ بأسَ بذَلِكَ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.

ثُمَّ إنَّ مَنْ ثَبَتَ سَماعُهُ في كِتابِهِ فَقَبيحٌ بهِ كِتْمانُهُ إيَّاهُ ومَنْعُهُ مِنْ نَقْلِ سَماعِهِ ومِنْ نَسْخِ الكِتابِ. وإذا أعارَهُ إيَّاهُ فلاَ يُبْطِئُ بهِ. رُوِّينا عَنِ الزُّهْرِيِّ أنَّهُ قالَ: ((إيَّاكَ وغُلُولَ الكُتُبِ)). قيلَ لهُ: ((وما غُلُولُ الكُتُبِ؟) قالَ: ((حَسْبُهَا عَلَى (٦) أصْحَابِهَا)) (٧).


(١) في (ب): ((سعيد)).
(٢) بفتح الميم وسكون الراء وفتح الواو وبعدها زاي معجمة، نسبة إلى مَرْو. انظر: الأنساب ٥/ ١٤٩، ومراصد الاطلاع ٣/ ١٢٦٢.
(٣) يقال للعالم بالفرائض: الفارض والفريض والفَرَضي. تاج العروس ١٨/ ٤٨٢، وترجمته في تاريخ بغداد ١٠/ ٣٨٠، والسير ١٧/ ٢١٢.
(٤) في (ب): ((مجهول)).
(٥) في (م): ((أحد)).
(٦) في (ع): ((عن))، وما أثبتناه من النسخ و (م).
(٧) أخرجه الخطيب في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (٤٨٣)، والسمعاني في أدب الإملاء والاستملاء: ١٧٦.

<<  <   >  >>