للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَتَوَهَّمُونَ أنَّهُمْ في روَايَتِها صَادِقُونَ)). قالَ (١): ((وهذا مِمَّا كَثُرَ في الناسِ وتَعَاطَاهُ قَومٌ مِنْ أكابِرِ العُلَماءِ والمعْرُوفينَ بالصَّلاَحِ)) (٢).

قُلْتُ: ومِنَ المتَسَاهِلينَ عبدُ اللهِ بنُ لَهِيْعَةَ (٣) المصريُّ، تُرِكَ الاحْتِجَاجُ بروايَتِهِ مَعَ جَلاَلَتِهِ؛ لِتَسَاهُلِهِ (٤). ذُكِرَ عَنْ يَحْيَى بنِ حَسَّانَ (٥) أنَّهُ رَأَى قَوْماً مَعَهُمْ جُزْءٌ سَمِعُوهُ مِنِ ابنِ لَهِيْعَةَ، فَنَظَرَ فيهِ فإذا ليسَ فيهِ حديثٌ واحِدٌ مِنْ حديثِ ابنِ لَهِيْعَةَ، فجاءَ إلى ابنِ لَهِيْعَةَ فأخْبَرَهُ بذلكَ، فَقَالَ: ((ما أصْنَعُ، يَجِيئونِي بِكتابٍ فَيَقُولونَ هذا مِنْ حدِيْثِكَ؛ فَأُحَدِّثُهُمْ بهِ)) (٦).

ومِثْلُ هذا واقِعٌ مِنْ شُيُوخِ زَمَانِنا (٧)، يَجِيءُ إلى أحَدِهِمْ الطَّالِبُ بِجُزْءٍ أوْ كِتابٍ فَيَقُولُ: هذا رُوايَتُكَ (٨)، فَيُمَكِّنُهُ مِنْ قِرَاءتِهِ عليهِ مُقَلِّداً لهُ مِنْ غيرِ أنْ يَبْحَثَ بحيثُ يَحْصُلُ (٩) لهُ الثِّقَةُ بِصِحَّةِ ذلكَ.


(١) في (أ) و (م) والشذا: ((وقال)).
(٢) المدخل إلى الإكليل: ٥٧، ونقله عنه ابن الأثير الجزري في جامع الأصول ١/ ١٤٣.
(٣) بفتح اللام وكسر الهاء، عَلَى وزن (شريعة). انظر: التقريب (٣٥٦٣)، وتاج العروس ٢٢/ ١٧٧.
(٤) انظر: طبقات ابن سعد ٧/ ٢٠٤، تاريخ البُخَارِيّ الصغير ٢/ ٢٠٧، والجرح والتعديل ٥/ ١٤٥، والكامل لابن عدي ٥/ ٢٣٧، وجامع الأصول ١/ ١٤٤، وتهذيب الكمال ٤/ ٢٥٢، والكاشف ١/ ٥٩٠، ولسان الميزان ٧/ ٢٦٨.
(٥) نقل الزركشي في نكته ٣/ ٦٠٠ عن المزي قوله: ((هذه الحكاية فيها نظر؛ لأن ابن لهيعة من الأئمة الحفاظ لا يكاد يخفى عليه مثل هذا، وإنما تكلم فيه من تكلم بسبب من الرواة عنه فمنهم من هو عدل كابن المبارك ونحوه، ومنهم من هو غير عدل)).
(٦) المجروحين ٢/ ١٣.
(٧) قال الزركشي في نكته ٣/ ٦٠١: ((إلحاقه شيوخ زماننا بمن سلف فيه نظر؛ لأن المقصود منهم بقاء السلسلة فقط، وأما الإسناد فغير منظور إليه في هذا الزمان)).
(٨) في (ب): ((من روايتك)).
(٩) في (م) والشذا: ((تحصل)).

<<  <   >  >>