للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

روايَتِها؛ لِكَونِهِ لاَ يَقَعُ مُتَّصِلاً بِكُلِّ واحدٍ منها، ولَكِنَّهُ يُفِيْدُ (١) تأكِيْداً واحْتِياطاً ويَتَضَمَّنُ إجازَةً بالِغَةً مِنْ أعلى أنواعِ الإجازاتِ، واللهُ أعلمُ.

السَّادِسَ عَشَرَ: إذا رَوَى الْمُحَدِّثُ الحديثَ بإسْنادٍ ثُمَّ أتْبَعَهُ بإسْنادٍ آخَرَ، وقالَ عندَ انتِهَائِهِ: ((مِثْلَهُ)) فأرادَ الراوي عنهُ أنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الإسْنادِ الثاني ويَسُوقَ لَفْظَ الحديثِ المذكورِ عَقِيبَ الإسْنادِ الأوَّلِ، فالأظْهَرُ المنْعُ مِنْ ذَلِكَ (٢).

ورُوِّينا عَنْ أبي بكرٍ الخطيبِ الحافِظِ - رَحِمَهُ اللهُ - قالَ: ((كانَ شُعْبَةُ لاَ يُجِيزُ ذَلِكَ. وقالَ بعضُ أهلِ العِلْمِ: يجوزُ ذَلِكَ إذا عُرِفَ (٣) أنَّ المحدِّثَ ضَابِطٌ مُتَحَفِّظٌ يذهبُ إلى تَمييزِ الألفاظِ وعدِّ الحروفِ. فإنْ لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ منهُ، لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ. وكانَ غيرُ واحدٍ مِنْ أهلِ العِلْمِ إذا (٤) رَوَى مِثلَ هذا يُورِدُ الإسْنادَ ويَقُولُ: ((مِثْلُ حديثٍ قَبْلَهُ، مَتْنُهُ كذا وكذا))، ثُمَّ يَسُوقُهُ. وكذلكَ إذا كانَ المحدِّثُ قدْ قالَ نحوَهُ، قالَ: ((وهذا هوَ الذي أختارُهُ)) (٥).

أخبرنا أبو أحمدَ عبدُ الوهابِ (٦) بنُ أبي منصورٍ عليِّ بنِ عليٍّ البغدادِيُّ شيخُ الشُّيوخِ بها بقراءَتي عليهِ بها، قالَ: أخبرنا والدِي - رَحِمَهُ اللهُ -، قالَ: أخبرنا أبو مُحَمَّدٍ عبدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّرِيْفِينِيُّ (٧)، قالَ: أخبرنا أبو القاسِمِ بنُ حَبَابَةَ (٨)، قالَ: حَدَّثَنا أبو القاسِمِ عبدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البغويُّ، قالَ: حَدَّثَنا عَمْرُو بنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ،


(١) في (جـ): ((يقيد)).
(٢) انظر: نكت الزركشي ٣/ ٦٣١، ومحاسن الاصطلاح ٣٥٢.
(٣) في نسخة (أ) حاشية نصها: ((كذا ضبط في الأصل الذي فيه السماع عَلَى الخطيب))، يعني: بضم العين، ومثلها في الشذا الفياح.
(٤) في (ع): ((إذا إذا)).
(٥) الكفاية: (٣١٩ ت، ٢١٢ هـ‍).
(٦) في (ب): ((أحمد بن عبد الوهاب))، وهو خطأ، والصواب ما أُثْبِت كما في باقي النسخ ومصادر ترجمته. انظر: السير ٢١/ ٥٠٢.
(٧) بفتح الصاد المهملة وكسر الراء وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين والفاء بَيْنَ الياءين، وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى صريفين. انظر: الأنساب ٣/ ٥٤٥، وترجمته في السير ١٨/ ٣٣٠.
(٨) بفتح الحاء، واسمه عبيد الله. تاج العروس ٢/ ٢٢٧.

<<  <   >  >>