للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحسَنُ بنُ عَرَفةَ، وأبو القاسمِ البَغَويُّ، وأبو إسحاقَ الْهُجَيْمِيُّ (١)، والقاضي أبو الطَّيِّبِ الطَّبَريُّ (٢) - رضي الله عنهم - أجمعينَ، واللهُ أعلمُ.

ثُمَّ إنَّهُ لا يَنْبَغِي للمُحَدِّثِ أنْ يُحَدِّثَ بِحَضْرَةِ مَنْ هوَ أوْلَى منهُ (٣) بذلكَ. وكانَ (٤) إبراهيمُ والشَّعْبيُّ إذا اجْتَمعا لَمْ يَتَكَلَّمْ إبراهيمُ بشيءٍ (٥). وزادَ بعضُهُمْ فَكَرِهَ الروايةَ ببلَدٍ فيهِ مِنَ المحدِّثينَ مَنْ هوَ أوْلَى منهُ لِسِنِّهِ أو لغيرِ ذَلِكَ. رُوِّيْنا عَنْ يحيى بنِ مَعينٍ، قالَ:

((إذا حدَّثْتُ في بلدٍ فيهِ مثلُ أبي مُسْهِرٍ (٦) فيجبُ لِلِحْيَتِي أنْ تُحْلَقَ)) (٧). وعنهُ أيضاً:

((إنَّ الذي يُحَدِّثُ بالبَلْدَةِ وفيها مَنْ هوَ أوْلَى بالتحديثِ منهُ (٨) أحْمَقُ)) (٩).

ويَنْبَغِي للمحدِّثِ إذا التُمِسَ منهُ ما يَعْلَمُهُ عندَ غيرِهِ في بَلَدِهِ أوْ غيرِهِ بإسنادٍ أعلى مِنْ إسنادِهِ، أوْ أرْجَحَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أنْ يُعْلِمَ الطَّالِبَ بهِ ويُرْشِدَهُ إليهِ، فإنَّ الدينَ النصيحةُ. ولاَ يَمْتَنِعُ (١٠) مِنْ تَحْدِيثِ أحَدٍ لِكَوْنِهِ غيرَ صحيحِ النِّيَّةِ فيهِ؛ فإنَّهُ يُرجَى لهُ حُصُولُ النِّيَّةِ مِنْ بَعْدُ. رُوِّيْنا عَنْ مَعْمَرٍ (١١) قالَ كانَ يُقَالُ: ((إنَّ الرجلَ لَيَطْلُبُ العِلْمَ لغيرِ اللهِ فَيَأْبَى


(١) انظر قصته في: نكت الزركشي ٣/ ٦٤١، وشرح التبصرة والتذكرة ٢/ ٣٠٩.
(٢) انظر: نكت الزركشي ٣/ ٦٣٨ - ٦٤٢.
(٣) قال الزركشي في نكته ٣/ ٦٤٢: ((سُئِل أين ابن المبارك وسفيان بن عيينة حاضر، فقال: نهينا أن نتكلم عِنْدَ أكابرنا، فقلت - القائل هو الزركشي -: إلاَّ بإذنه، وقد بوّب ابن عبد البر باباً في فتوى الصغير بَيْنَ يدي الكبير بإذنه)).
(٤) في (أ) و (جـ): ((كان)) بلا واو.
(٥) انظر: الجامع لأخلاق الراوي ١/ ٣٢٠ وفيه زيادة كلمة: ((لسنه)).
(٦) هو الإمام عبد الأعلى بن مسهر بن عبد الأعلى الدمشقي (ت ٢١٨ هـ‍)، انظر: طبقات ابن سعد ٧/ ٤٧٣، وتاريخ بغداد ١١/ ٧٢، والسير ١٠/ ٢٢٨.
(٧) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (٧٠١).
(٨) بعد هذا في (ع) زيادة: ((فهو))، وهي لَمْ ترد في النسخ ولا (م).
(٩) أخرجه الخطيب في الجامع (٧٠٠)، وفي التاريخ ١١/ ٧٤.
(١٠) انظر: نكت الزركشي ٣/ ٦٤٢ - ٦٤٥.
(١١) بفتح الميم وإسكان العين، كَمَسْكَن، هو الإمام الحافظ أبو عروة مَعْمَرُ بن راشد الأزْدي البصري ثم اليماني الصَّنعاني، ولد سنة (٩٥ هـ‍) بالبصرة، وسكن اليمن ومات فيها سنة (١٥٣ هـ‍). انظر: تهذيب الأسماء واللغات ٢/ ١٠٧، والسير ٧/ ٥، والتاج ١٣/ ١٤٥.

<<  <   >  >>