للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وابنُ عبَّاسٍ - رضي الله عنهم -، كانَ لِكُلِّ رجلٍ مِنْهُم أصحابٌ يَقُومونَ بقَولِهِ ويُفْتونَ النَّاسَ)) (١)، وَرُوِّيْنا عَنْ مَسْروقٍ قالَ: ((وَجَدْتُ عِلْمَ أصْحابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - انتهى إلى سِتَّةٍ: عُمَرَ، وعَلِيٍّ، وأُبَيٍّ، وزيدٍ، وأبي الدَّرْداءِ، وعبدِ اللهِ بنِ مَسْعودٍ. ثُمَّ انتهى عِلْمُ هَؤلاءِ السِّتَّةِ إلى اثْنَيْنِ: عليٍّ، وعبدِ اللهِ)) (٢). رُوِّيْنا نَحْوَهُ عَنْ مُطَرِّفٍ (٣) عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ، لكنْ ذَكَرَ أبا موسَى بدَلَ أبي الدَّرْدَاءِ (٤). ورُوِّيْنا عَنِ الشَّعْبِيِّ قالَ: ((كانَ العِلْمُ يُؤْخَذُ عَنْ سِتَّةٍ مِنْ أصحابِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وكانَ عُمَرُ، وعبدُ اللهِ، وزيدٌ، يُشْبِهُ عِلْمُ بعضِهِمْ بَعضاً، وكانَ يَقْتَبِسُ بَعضُهُمْ مِنْ بَعضٍ، وكانَ عليٌّ، والأشْعَريُّ، وأُبَيٌّ، يُشْبِهُ عِلْمُ بعضِهِمْ بَعضاً، وكانَ يَقْتَبِسُ بَعضُهُمْ مِنْ بَعضٍ)) (٥). ورُوِّيْنا عَنِ الحافِظِ أحمدَ البَيْهَقِيِّ أنَّ الشَّافِعِيَّ ذَكَرَ الصَّحابَةَ في " رسالتِهِ " القديمةِ وأثْنَى عليهِمْ بما هُمْ أهلُهُ، ثُمَّ قالَ: ((وهُمْ فَوْقَنا في كُلِّ عِلْمٍ، واجْتِهادٍ، وَوَرَعٍ، وعَقْلٍ، وأمْرٍ اسْتُدْرِكَ بهِ عِلْمٌ واسْتُنْبِطَ بهِ، وآراؤُهُمْ لنا أحمدُ وأوْلَى بنا مِنْ آرَائِنا عِنْدَنا لأنْفُسِنا))، واللهُ أعلمُ.

الرَّابِعَةُ: رُوِّيْنا عَنْ أبي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ أنَّهُ سُئِلَ عَنْ عِدَّةِ (٦) مَنْ رَوَى عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ: ((ومَنْ يَضْبِطُ هذا؟ شَهِدَ مَعَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَجَّةَ الوداعِ أربعونَ ألِفاً، وشَهِدَ معهُ تَبُوكَ سَبعونَ ألفاً (٧). ورُوِّيْنا عَنْ أبي زُرْعَةَ أيضاً أنَّهُ قيلَ لهُ: ((ألَيْسَ يُقَالَ: حديثُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أربَعةُ آلاَفِ حديثٍ؟) قالَ: ((ومَنْ قالَ ذا؟ قَلْقَلَ اللهَ أنْيَابَهُ! هذا قولُ الزَّنَادِقَةِ، ومَنْ يُحْصِي حدِيثَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قُبِضَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ مِئَةِ ألْفٍ وأربَعَةَ عَشَرَ ألِفاً


(١) العلل لابن المديني: ٤٥، ورواه عنه البيهقي في المدخل (١٥٥)، والخطيب في الجامع ٢/ ٢٨٨ (١٨٨٤).
(٢) أخرجه ابن سعد في طبقاته ٢/ ٣٥١، وابن المديني في العلل: ٤٤، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ ١/ ٤٨١.
(٣) بضم الميم، وفتح الطاء المهملة وكسر الراء المشددة كَمُحَدِّث. انظر: الإكمال ٧/ ٢٠٠، وتاج العروس ٢٤/ ٨٥.
(٤) طبقات ابن سعد ٢/ ٣٥١.
(٥) أخرجه أبو خيثمة في العلم (٩٤)، والبيهقي في المدخل (١١٩).
(٦) راجع: التقييد والإيضاح: ٣٠٥.
(٧) أخرجه الخطيب في الجامع (١٨٩٣).

<<  <   >  >>