للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هَذَا النَّوعُ مُتَّفِقٌ لَفْظاً وَخَطّاً بِخِلافِ النَّوعِ الذي قَبْلَهُ، فإنَّ فِيهِ الاتِّفاقَ فِي صُورَةِ الخطِّ مَعَ الافْتِراقِ فِي اللَّفْظِ. وهذا مِن قَبِيلِ مَا يُسَمَّى فِي أُصُولِ الفِقْهِ: المُشْتَركُ. وزَلَقَ بِسَبَبِهِ غَيْرُ واحِدٍ مِنَ الأكابرِ وَلَمْ يَزَلِ الاشْتراكُ مِنْ مَظانِّ الغَلَطِ فِي كُلِّ علمٍ. ولِلخَطِيبِ فِيهِ كتابُ " المتَّفِقِ والمُفْتَرِقِ " وَهُوَ مَعَ أنّهُ (١) كتابٌ حَفِيلٌ غَيْرُ مُستوفٍ لِلأقْسامِ التي أذكرُها إنْ شاءَ اللهُ تَعَالَى.

فأحدُها: المُفْتَرِقُ مِمَّنْ اتَّفَقَتْ أَسْماؤُهم وأَسْماءُ آبائِهِم.

مثالُهُ: الخَليلُ بنُ أَحْمَدَ (٢): سِتَّةٌ، وفاتَ الخطيبَ مِنْهُمْ الأربعةُ الأخيرةُ. فأوّلُهم: النَّحْوِيُّ البَصْرِيُّ - صاحبُ العَرُوضِ - حَدَّثَ عَنْ عاصمٍ الأَحْولِ وغيرِهِ. قَالَ أَبُو العَبَّاسِ المُبَرِّدُ: ((فَتِّشَ المُفتِشُونَ فَما وَجَدُوا (٣) بعدَ نَبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - مَنْ اسمُهُ أَحْمَدُ، قَبْلَ أبي الخَليلِ بنِ أَحْمَدَ)). وَذكرَ التَارِيخيُّ (٤) أَبُو بكرٍ أنّهُ لَمْ يَزلْ يَسْمعُ النَّسَّابِينَ والأخْبَارِيِّيْنَ يقولونَ: إنَّهُم لَمْ يَعْرِفوا غَيرَهُ. واعتُرِضَ عَلَيْهِ بأبي السَّفَرِ سعيدِ بنِ أَحْمَدَ احتجاجاً بقولِ يَحْيَى بنِ مَعِينٍ فِي اسمِ أبيهِ فإنّهُ أَقْدمُ. وأجابَ بأنَّ أكثرَ أَهْلِ العلمِ إنَّما قَالوا فِيهِ سَعيدُ بنُ يُحْمِدَ (٥)، واللهُ أعلمُ.

والثاني: أَبُو بِشْرٍ المُزَنيُّ بَصْرِيٌّ أَيْضَاً حَدَّثَ عَنِ المُسْتَنِيرِ بنِ أخْضَرَ عَنْ مُعَاويةَ بنِ قُرَّةَ. رَوَى عَنْهُ العَبَّاسُ العَنْبَرِيُّ وجَمَاعةٌ.

والثالثُ (٦): أصبهانيٌّ رَوَى عَنْ رَوْحِ بنِ عُبَادةَ وغيرِهِ.


(١) في (ب): ((مع كونه)).
(٢) انظر: التقييد: ٤٠٦.
(٣) في (ع) والتقييد والشذا و (ج‍) و (م): ((وجد)).
(٤) بفتح التاء وكسر الراء، هذه النسبة إلى التاريخ. انظر الأنساب ١/ ٤٦٥.
(٥) قال ابن الملقن في المقنع ٢/ ٦١٥: ((يعترض بـ أحمد بن حفص بن المغيرة الصحابي عَلَى
أحد الأقوال في اسمه، وأما أحمد بن عجيان الصّحابيّ فهو بالجيم، ومن ادعى أنه بالحاء فقد صحفه)). وانظر: محاسن الاصطلاح ٥٥٣، والإصابة ١/ ٢٢ و ٤/ ١٣٩.
(٦) قال العراقي في شرح التبصرة ٣/ ١٩٤: ((وقد أسقطت من الستة الذين ذكرهم ابن الصّلاح واحداً، وهو الخليل بن أحمد، أصبهانيٌّ يروي عن روح بن عبادة؛ لأنَّهُ وهم فِيْهِ، وإنما هُوَ الخليل بن محمّد، ووهم فِيْهِ قبله ابن الجوزي، وأبو الفضل الهروي، فإنه عده فيمن اسمه الخليل ابن أَحْمَد، وَهُوَ في تاريخ أصبهان لأبي نُعَيْم عَلَى الصّواب: الخليل بن محمّد أبو العباس العجلي))، وانظر: تاريخ أصبهان ١/ ٣٠٧ - ٣٠٨.

<<  <   >  >>