إذا استمطرته الكف جادَ سحابهُ ... بلا صوت إرعادٍ ولا ضوء بارق
كأن اللآلي والزبرجد نظمه ... ونور الأقاحي في بطون الحدائق
كأنَ عليه من دجى الليل حلةً ... إذا ما استهلتْ مزنة بالصواعق
إذ ما امتطى غر القوافي رأيتها ... مجللةً تمضي أمام السوابق
وله في تشبيه شيئين بشيئين في بيت واحد:
ترى الهام فيها والسيوف كأنها ... فراخ القطا صبت عليها الأجادل
المعتصم بالله أبو إسحاق محمد بن هارون الرشيد بن محمد المنصور يقول:
قرب النحام وأعجل يا غلام ... واطرح السرج عليه واللجام
أعلم ألا تراك أني خائض ... لجةَ الموتِ فمن شاء أقام
وله:
لم يزلْ بابك حتى ... صار للعالم عبره
ركب الفيل فمن ير ... كب فيلاً فهو شهره
محمد بن عبد الملك بن أبان بن أبي حمرة الزيات يكنى أبا جعفر.
أصله من أهل قرية دسكرة جبل من النهروان الأسفل وكان أبوه من وجوه تجار الكرخ ببغداد ومياسيرهم، وكان محمد أديباً شاعراً ولم يكن له حظ في الكتابة وكان إليه في أيام المعتصم تفقد الدار والأشراف على المطبخ فقلده المعتصم الوزارة بعد أحمد بن عمار فبقي متقلدها إلى آخر أيامه وأقره الواثق عليها مدة أيامه. فلما تقلد المتوكل أقره نحواً من أربعين يوماً ثم نكبه وقتله وذلك سنة ثلاث وثلاثين ومائتين. وهو القائل:
نحنُ بنو الغر المحجلينا ... الأعجميين المتوجينا
لنا الفروسيةُ ما بقينا ... بها خلقنا وبها سمينا
وله:
فقد اختلس الطعن ... ة بين الرأي والوهم
كجيب الثاكل الوال؟ ... هـ أو حاشية الهدم
وأغشى القوم بالقوم ... وأغشى الدهم بالدهم
وأحميهم وإن غبت ... حموا أنفسهم باسمي
وله:
تمكنت من قتلي فأزمعت قتلها ... على غير عمد منك والروح تذهب
كعصفورةٍ في كف طفل يسومها ... ورود حياض الموت والطفل يلعب
وله:
وعائب عابني بشيبي ... لم يعد لما ألم وقته
فقلت إذ عابني بشيبي ... يا عائب الشيب لا بلغته