للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُقْبَلَ مِنْهُ﴾. ولم يفُه أحد من المسلمين بهذه الدعوة على مرِّ القرون، وإنَّما فاه بها زنادقة الصوفية والباطنية، كقول ابن عربي:

لقد كنتُ قبل اليومِ أُنكْرُ صَاحِبي *** إِذَا لَم يَكُنْ دِيني إِلَى دِينهِ دَاني

لَقَدْ صَارَ قَلْبِي قَابِلاً كُلَّ صُورَةٍ *** فمَرْعًى لغِزْلَانٍ وَدِيرٌ لِرُهْبانِ

وَبَيْتٌ لِأَوْثَانٍ وَكَعْبَةُ طَائِفٍ *** وَألواحُ تَوْرَاةٍ وَمصْحَفُ قُرْآنِ

أَدِينُ بِدينِ الحبِّ أنَّى تَوجَّهتْ *** رَكائِبُهُ فَالحُبُّ دِيني وَإيِمَانِي (١).

وقوله:

عَقَدَ الْخَلَائِقُ فِي الْإِلَهِ عَقَائِدَاً *** وَأَنَا اعْتَقَدْتُ جَمِيعَ مَا اعْتَقَدُوهُ (٢).

فهذا دين الزنادقة، دين التلفيق الذي يُقرُّ جميع الوثنيات، والديانات المحرفة. وهذه الدعوة الفاجرة البائرة فرع عن مقالة وحدة الوجود، فإنَّ من يقول بوحدة الوجود من زنادقة الصوفية، لا بدَّ أن يصوِّب ويصحِّح جميع الصور والأشكال، فعلينا أن نحذر من هذه الدعوات المتلفعة بمرط التسامح، واحترام الآخر، وحرية التعبير، وأن نلزم طريقة القرآن، وهدي رسول الله .

وقد الله أمر نبيه أن يقول: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا﴾ [آل عمران: ٦٤] فنحن أصحاب المبادرة إلى الحوار، لكنه حوار واضح الهدف والغاية: ﴿إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ﴾، وهذه الكلمة لم يدعها الله تعالى لتفسير مفسِّر، ولا لقول فقيه، بل تولى بيانها بنفسه، فقال: ﴿أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾. فالواجب علينا أن نجهر بالدعوة إلى دين الله وتوحيده، فإن قبلوا منَّا فالحمد لله، وإن أبوا، فنقول بملء أفواهنا: ﴿اشْهَدُوا بِأَنَّا


(١) ذخائر الأعلاق شرح ترجمان الأشواق "ديوان محيي الدين بن عربي" ت: محمد الشقيري. ط: عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية. القاهرة. ط: الأولى ١٩٩٥ م (ص: ٢٤٥).
(٢) فصوص الحكم، دار الكتاب العربي: (٣٤٥).

<<  <   >  >>