للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُسْلِمُونَ﴾ وأما التلفيق، والتوفيق، والالتقاء في منتصف الطريق، والبيانات المشتركة، الرخوة، المضللة، فليست من سبيل المؤمنين.

وقد ساكن النبي في المدينة ثلاث قبائل من اليهود، وكان يدعوهم إلى الإسلام، فيأتي إليهم في كنيسهم، في يوم مدراسهم، ويقول لهم: «يا معشر اليهود، أروني اثني عشر رجلاً يشهدون أنه لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله يحبط الله عن كل يهودي تحت أديم السماء الغضب الذي غضب عليه» (١)، فلا ينتدب لذلك إلا رجل واحد! وأتاه نصارى نجران، وأنزلهم في مسجده، ودعاهم إلى توحيد الله رب العالمين، وجادلهم، وجادلوه، فأبوا، خوفاً على امتيازاتهم، ومناصبهم، حتى بلغ الأمر حد المباهلة: ﴿فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾ [آل عمران: ٦١]، ولم يلجأ النبي إلى ما يُسمى "البيان المشترك"، بإبراز أوجه الاتفاق، وإقصاء أوجه الافتراق، كما يفعل دعاة الحوار اليوم، بل كانت دعوته صريحة إلى الدخول في دين الإسلام.

في صحيح مسلم عن أبي هريرة أن النبي قال: «والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة؛ يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار» (٢)، فياللعجب! أن تسمع من بعض المنتسبين إلى الإسلام من يقول: جميع الطرق تؤدي إلى الله، وجميع الأديان صحيحة، سبحانك هذا بهتان عظيم! فلا يحل لأحد بعد بعثة محمد أن يتدين بغير دين الإسلام الذي بُعث الله به، كما قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ﴾ فالواجب أن ندعو الناس جميعًا إلى الدخول في عقد الإسلام، فإن أجابوا فالحمد لله، وإن أبوا فعليهم ما حُمِّلوا، وعلينا ما حُمِّلنا.


(١) أخرجه أحمد ط الرسالة برقم (٢٣٩٨٤) وقال محققو المسند: "إسناده صحيح على شرط مسلم".
(٢) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد إلى جميع الناس، ونسخ الملل بملته برقم (١٥٣).

<<  <   >  >>