للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"بمتابعته" يعود إلى غير مذكور، وهوالقرآن، كما تدل االنصوص التي أوردها المصنف، وقد وقع في بعض النسخ تفسير الضمير ب"الكتاب"، وفي بعضها: "يعني القرآن. والمقصود: أنَّه يُستغنى بالقرآن العظيم عما سواه. وعلى تقدير أن العبارة "بمتابعته الكتاب" فالتقدير: بمتابعة المسلم الكتاب.

والمراد بالاستغناء: الاكتفاء، فلا يحتاج لسواه. وقد ورد في الحديث: «ليس منَّا من لم يتغنَّ بالقرآن» (١)، قال بعض شرَّاح الأحاديث: إن معنى: (يتغنى) يستغني (٢)، فيجب أن يستغني بالقرآن.

وحمله أكثرهم على القراءة بلحن وترتيل (٣). قال النووي: "والصحيح: أنه من تحسين الصوت، ويؤيده الرواية الأخرى: «يتغنى بالقرآن يجهر به» (٤) " (٥).

قوله تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ القرآن العظيم متضمن لبيان كل شيء، لكن لا يلزم من ذلك أن يتضمن بيان التفاصيل في مختلف الفنون والعلوم، وإنما يتضمن القواعد، والأسس، والأصول التي يندرج تحتها ما لا حصر له من الفروع. مثال ذلك:

- قول الله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾ [الأنفال: ٦٠] هذه آية جامعة، فيها أصل عظيم، وحافز للمسلمين على اتخاذ جميع أسباب القوة التي يتمكنون بها من نشر الدين.

- قول الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾


(١) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: ﴿وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ﴾ [الملك: ١٣] برقم (٧٥٢٧).
(٢) فسره بذلك سفيان بن عيينة. ينظر: شرح صحيح البخاري لابن بطال (١٠/ ٢٥٨) وفتح الباري لابن حجر (٩/ ٦٨).
(٣) كشف المشكل من حديث الصحيحين (٣/ ٣٦٨) وشرح النووي على مسلم (٦/ ٧٩).
(٤) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن برقم (٧٩٢).
(٥) شرح النووي على مسلم (٦/ ٧٩).

<<  <   >  >>