للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المائدة: ٢] فكل برٍّ وتقوى يندرج تحت هذه الآية، وكل إثم وعدوان يندرج تحت الجملة الثانية.

فالمقصود أنَّه لا يدع شاذة ولا فاذة إلا وقد بيَّنها، والسنة مكمِّلة للقرآن، كما قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: ٤٤]، وقال: ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [النحل: ٦٤]، وقد قال أبو ذر : "لقد تركنا محمد ، وما يحرك طائر جناحيه في السماء إلا أذكرنا منه علماً" (١). ثم تجد بعض السفهاء، وقاصري النظر، وعديمي العقل، والعلم، يقول قائلهم: ما دخل الدين في كذا؟ وما شأن الدين في كذا؟ وكأنَّما الدين، في نظره، يقبع في زاوية من زوايا الحياة! كلا! الدين يملأ جميع مناحي الحياة ويستوعبها، فلا يوجد شيء من أمور الحياة إلا وقد بيَّنه، ولا يحلُّ أنَّ نستعيض عن دين الله الحق، الصافي، بما اختلط وتكدر وحُرِّف.

وأما قصة عمر فقد رواها جمع من المحدثين، بسياقات مختلفة، وحسنها الألباني (٢) يجمعها حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: (أَتَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَسُولَ اللهِ بِنُسْخَةٍ مِنْ التَّوْرَاةِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذِهِ نُسْخَةٌ مِنْ التَّوْرَاةِ) (٣) (أَصَبْتُهَا مَعَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، أَعْرِضُهَا عَلَيْكَ؟) (٤) (" فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ "، فَجَعَلَ عُمَرُ يَقْرَأُ، " وَوَجْهُ رَسُولِ اللهِ يَتَغَيَّرُ "، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : ثَكِلَتْكَ الثَّوَاكِلُ، أَمَا تَرَى وَجْهَ رَسُولِ اللهِ ؟، فَنَظَرَ عُمَرُ إِلَى وَجْهِ رَسُولِ اللهِ فَقَالَ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنْ غَضَبِ اللهِ، وَغَضَبِ رَسُولِهِ، رَضِينَا بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا) (٥) (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ :


(١) أخرجه أحمد ط الرسالة برقم (٢١٣٦١) وقال محققو المسند: "حديث حسن".
(٢) (انظر: الإرواء: ١٥٨٩، صَحِيح الْجَامِع: ٥٣٠٨، الصَّحِيحَة: ٣٢٠٧، المشكاة: ١٧٧
(٣) (أخرجه الدارمي: (٤٣٥)
(٤) (أخرجه أحمد برقم (١٨٣٦١)
(٥) (أخرجه أحمد برقم (١٥٩٠٣)، والدارمي برقم (٤٣٥)

<<  <   >  >>