للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى كعب بن الأشرف (١)، وفي بعض الروايات: إلى كاهن بني فلان (٢)، ففضح الله بهذه الآيات أولئك الذين يتظاهرون بالدخول في عقد الإسلام، ثم هم يأبونه حَكَماً وقاضياً، ويرتفعون إلى غيره، فهذا دليل على نكرانهم، وعدم دخولهم في عقد الدين؛ ولهذا عبر عنهم بأنهم "يزعمون" وهي تشير غالبًا، إلى التخوين، والتشكيك. و"الطاغوت" كما عرفه ابن القيم: "كلُّ ما تجاوز به العبد حده؛ من معبود، أو متبوع، أو مطاع" (٣).

وتتمة الآية: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً * فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً﴾، فتلخص من حالهم جملة أوصاف:

- كثرة المزاعم الباطلة، والدعاوي الجوفاء، والتستر بذلك.

- الميل والنزوع للتحاكم إلى الطواغيت، والرغبة عن حكم الشريعة.

- حصول العلم المسبق، بالأمر بالكفر بالطاغوت.

- بعد ضلالهم بسبب استجابتهم لمراد الشيطان.

- الصدود والإعراض والاستنكاف عن حكم الشريعة.

- التقلب والنفاق والتلون بحسب ما يقتضيه الحال.

- كثرة الأيمان والمعاذير الكاذبة.

- دعوى الإحسان والتوفيق بين المصالح.

وقد طبقه شيخ الإسلام ابن تيمية هذا التوصيف القرآني للمنافقين على جماعة المتكلمين، الذين يزعمون الإيمان بالكتاب والسنة، ثم هم يعتمدون المقاييس العقلية الإغريقية، من المنطق، والفلسفة، وعلم الكلام المتولد منهما، ويعرضون عن طريقة السلف التي تعتمد الكتاب والسنة، وإذا


(١) تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر برقم (٩٧٩٨).
(٢) تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر برقم (٩٨٩١).
(٣) إعلام الموقعين عن رب العالمين (١/ ٤٠).

<<  <   >  >>