للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ [الشُّورَى: ١٣]، وَفِي الْحَدِيثِ: "نَحْنُ مُعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ أَوْلَادُ عَلات، دِينُنَا وَاحِدٌ". فَهَذَا هُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، وَهُوَ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ، مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَالتَّمَسُّكِ بِشَرِيعَةِ الرَّسُولِ الْمُتَأَخِّرِ، وَمَا خَالَفَ ذَلِكَ فَضَلَالَاتٌ، وَجَهَالَاتٌ، وَآرَاءٌ، وَأَهْوَاءٌ، الرُّسُلُ بُرآء مِنْهَا، كَمَا قَالَ: ﴿لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾) (١)

قوله: "قال ابن عباس في قوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾ [آل عمران: ١٠٦]: تبيض وجوه أهل السنة والائتلاف، وتسود وجوه أهل البدعة والاختلاف"

ذلك يوم القيامة. وقد دلت تتمة الآية بعد، والآية بعدها على أصحاب تلك الوجوه، قال تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٦، ١٠٧]، وقد قيل في أصحاب الوجوه المسودَّة خمسة أقوال: عموم الكفار، اليهود، المنافقون، الحرورية، أهل الأهواء والبدع. وهذا الأخير هو قول ابن عباس. قال السعدي، : (﴿يوم تبيض وجوه﴾: وهي وجوه أهل السعادة والخير، أهل الائتلاف والاعتصام بحبل الله. ﴿وتسود وجوه﴾: وهي وجوه أهل الشقاوة والشر، أهل الفرقة والاختلاف، هؤلاء اسودت وجوههم بما في قلوبهم من الخزي، والهوان، والذلة، والفضيحة، وأولئك ابيضت وجوههم، لما في قلوبهم من البهجة، والسرور، والنعيم، والحبور الذي ظهرت آثاره على وجوههم كما قال تعالى: ﴿ولقاهم نضرة وسرورا﴾ نضرة في وجوههم، وسرورا في قلوبهم، وقال تعالى: ﴿والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون﴾) (٢)


(١) (تفسير ابن كثير ت سلامة (٣/ ٣٧٧)
(٢) (تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن (ص: ١٤٢)

<<  <   >  >>