الرمي عن أول وقته، فأرشده ابن عمر إلى أن لا يخالف إمامه بشيء لا يخرج عن الحق، لما في موافقته من المصلحة الظاهرة العامة، ولما في مخالفته من أسباب التفرق على الإمام، المسبب ما لا يخفى من الشر والفساد، فلما كرر وبرة السؤال على ابن عمر رأى أن لا مناص من التنصيص عن الوقت، فقال:«كنا نتحين فإذا زالت الشمس رمينا» ولا منافاة بين جواب ابن عمر لوبرة الأول وبين جوابه الثاني. وهذا الذي قررناه هو الحق بلا ريب، لما فيه من إعطاء النصوص حقها، والمحافظة على موقف ابن عمر منها، وطاعة أُولي الأمر بما لا يخالف الحق. فلله الحمد والمنة.
وقد دلت السنة على توقيت رمي الجمرات أيام التشريق بما بعد زوال الشمس من وجوه:
«أحدها» ما رواه البخاري في صحيحه، حدثنا أبو نعيم إلى آخر ما ساقه هذا الرجل إسنادًا ومتنًا (١) وقد عرفت دلالته على التوقيت.
«الثاني» ما رواه الجماعة عن جابر ﵁ قال: «رمى رسول الله ﷺ الجمرة يوم النحر ضُحى، وأما بعد ذلك فإذا زالت الشمس».
«الثالث» ما رواه أحمد وابن ماجه والترمذي، قال الترمذي: حدثنا أحمد بن عبدة الضبي البصري، حدثنا زياد بن عبد الله، عن الحجاج، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس ﵄ قال:«كان رسول الله ﷺ يرمي الجمار إذا زالت الشمس».
(١) وهو قول ابن عمر: « … كنا نتحين فإذا زالت الشمس رمينا».