للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيقال: «أولًا»: أين إبطال ما تقدم من التعليل من هذا الدليل؟

أدل على هذا بمنطوقه؟ أو بمفهومه؟ أو غيرهما من أوجه الدلالة؟ ويقال له:

«ثانيًا» إن لم يكن في هذا الحديث دليل على صحة ذلك التعليل لم يكن فيه ما يبطله، بل هو على إثباته أدل منه على نفيه. ولا يرد على هذا جوابه عن التقديم والتأخير يومئذ بقوله: «افعل ولا حرج» إما لكون ذلك في حق من لم يشعر، أو مطلقًا، إذ لا يدل نفي الحرج على استوءا التقديم والتأخير، بل السنة المستقرة أنه يرمي أولًا، ثم ينحر ثانيًا، ثم يحلق ثالثًا. فأين عمل استقرت به السنة من فعل يعذر صاحبه لأجل الجهل أو أحسن أحواله نفي الحرج عن فاعله؟! شتان ما بينهما.

قوله: وأما قولهم: إنه خلاف فعل النبي فنقول: حاشا أن نخالف في سنة من سنن الدين، أو أن نتبع غير سبيل المؤمنين، فقد رمى النبي والمؤمنون معه يوم النحر قبل الزوال، ثم رمى بقية الأيام بعد الزوال، وفعله في الأول كفعله الآخر، و ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ﴾ [الأحزاب: ٢١].

يقال: لقد كفانا هذا الرجل مؤونة الرد عليه، فقف وانظر وتأمل واعتبر وزن بذلك علم هذا الرجل وعقله، فإنه جعل مخالفة سنة رسول الله عين سنة رسول الله فإن سنة رسول الله قد غايرت بين وقت رمي الجمرة يوم النحر وبين رمي جمرات أيام التشريق، فرمى يوم النحر ضحى، ورمى جمرات أيام

<<  <   >  >>