السلام فرفع إلي أمرهم، فأحضرتهم وتهددتهم، وأغلظت لهم القول؛ فزعموا أولًا: أنهم على عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأن رسائله عندهم، فكشفت شبهتهم، وأدحضت ضلالتهم. . وأخبرتهم ببراءة الشيخ من هذا المعتقد والمذهب، وأنه لا يكفر إلا بما أجمع المسلمون على تكفير فاعله. . وقد أظهر الفارسيان التوبة والندم ثم لما لحقا بالساحل عادا إلى تلك المقالة، وبلغنا عنهم: تكفير أئمة المسلمين، بمكاتبة الملوك المصريين؛ بل كفروا من خالط من كاتبهم من مشايخ المسلمين، نعوذ بالله من الضلال بعد الهدى، والحور بعد الكور. وقد بلغنا عنكم نحو من هذا، وخضتم في مسائل من هذا الباب كالكلام في الموالاة والمعاداة، والمصالحة، والمكاتبات، وبذل إلا موال والهدايا، ونحو ذلك من مقالة أهل الشرك بالله والضلالات والحكم بغير ما أنزل الله عند البوادي، لا يتكلم فيها إلا العلماء من ذوي الألباب، ومن رزق الفهم عن الله، وأوتي الحكمة وفصل الخطاب) .
قلت: وفي هذا الكلام من الفوائد والقواعد ما يستحق أن يفرد في شأنه بحث مستقل، كما أنه أبلغ رد على من يتعلق بشبه من كلام الشيخ محمد أو أتباعه في تكفير المسلمين، أو ولاتهم، أو تحميل كلامهم ما لا يحتمل.
وما هذا الكتاب الذي بين يديك " مصباح الظلام في الرد على من كذب على الشيخ الإمام ونسبه إلى تكفير أهل الإيمان والإسلام " إلا صورة من صور جهاد القلم الذي جرده علماء الدعوة في رد ما نسب إلى الشيخ - زورًا وبهتانًا - من تكفير للمسلمين واستحلال لدمائهم وأموالهم وحرماتهم، كما أنه يوضح كثيرًا من النقاط والقواعد والفوائد المتعلقة في هذا الباب، وقد أطلعت على ما قام به الأخ الشيخ د. عبد العزيز بن عبد الله بن إبراهيم الزير آل حمد من جهد بالغ في تحقيق هذا الكتاب، وتخريج أحاديثه، وعزو نقوله، وتذييله بفهرس شامل لفوائده وشوارده، مما سيسهل على الباحث والقارئ - إن شاء الله - الاستفادة والانتفاع منه، فجزاه الله خيرًا، ونفع بنا وبه الإسلام والمسلمين، وجعلنا جميعًا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.