للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما انتقدها عليهم فحول الرجال؟ والعصمة لا تدعى ولا تثبت لغير الرسل، فكيف ينسب إلى جميع العلماء من نواحي الأرض أنهم قبلوها ورضوها، وجلّ بضاعة هذا الرجل هو الكذب على الله وعلى رسله وعلى علماء الأمة وساداتها، فمن كانت هذه بضاعته فهو أكثر الناس (١) غبنا، وأعظمهم خسرانا، وهذا العدد الذي ذكره ليس فيهم من ذكر بالعلم إلا نحو ثلاثة أشخاص من المقلّدين الذين لا يرجع إليهم في التصحيح والترجيح، وما المانع أن يخفى عليهم هذا، وقد خفي على من هو أجل منهم وأفضل بالاتفاق؟ .

اللهم إلا أن يقول هذا المعترض بعصمة من روى هذا النظم، كما قالت ذلك غلاة الرافضة والإسماعيلية في أئمتهم الاثنى عشر، وقد مرَّ أنَّ شيخ الإسلام ابن تيمية انتقد على من هو أجل من صاحب البردة، كابن النعمان ما هو دون ما في هذه الأبيات.

ثم ما يدري هذا المغفل أن الأئمة لم ينتقدوها ولم يردوها أيكون الجهل، وعدم العلم دليلاً في موارد النزاع؟ وما المانع من أن يكون علماء الأمة أنكروا ما فيها من الغلو والإطراء؟ بل لا مانع من أن يكون رواتها قد أنكر ما فيها حذاقهم، وأهل البصيرة منهم، وقد يروي الرجل بعض الأحاديث والأخبار ويتعقَّبها مع ذلك ويذكر ما فيها، وينبغي إحسان الظن بأهل العلم، وحملهم في ذلك على أحسن المحامل وأكمل الوجوه.

[الأرض لا تقدس أحدا ولا هي سبب لعينه وذمه]

وأمَّا تعريضه بذكر الأرض التي سفكت فيها دماء الصحابة، حتى أشفق صدِّيق الأمة على ذهاب القرآن.


(١) في (ق) و (م) : "أكثرهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>