للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويخضع له، وينيب إليه، ويسلم له وجهه، ويتوكل عليه، ويستغيث به، ويفزع إليه في حاجاته ومهماته ولا يكون له في عباداته شريك، وقرر أن هذا هو حقيقة الإسلام وهو مدلول "لا إله إلا الله " وهو الذي دعت إليه الرسل، وصار النزاع والخصومة فيه.

كما قال تعالى: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} [الزخرف: ٤٥] [الزخرف: ٤٥] .

فنفى سبحانه جعل آلهة يعبدهم الناس، ويفزعون إليهم، وأن الرسل كلهم نافون مبطلون لما ادعته المشركون من شرع اتخاذ الآلهة، وجعلها أندادا، والمقصود بالنفي هو الجعل الديني الشرعي، لا القضائي (١) القدري الكوني، وأما الإقرار بأن الله هو الخالق الرازق المدبر، فهذا قد أقر به المشركون، كما ذكر الله ذلك عنهم في غير آية، كما في سورة يونس، والمؤمنون، وسورة النمل (٢) والزخرف، وغيرها من سور القرآن. وقول من يدعو الصالحين: (أنا مذنب؟ والصالحون لهم جاه) ، هو بعينه قول المشركين، كما ذكره غير واحد: أنهم عللوا إباحة شركهم واستحسانه، بأن العبد المذنب لا يصلح لمخاطبة الرب والدخول [١٠٩] ، عليه إلا بواسطة من العبد الصالح المقرب، وأنه إذا علق أمله بالصالحين أو الملائكة فاض عليه من الإفاضات التي تحصل لهم، ومثلوا ذلك بانعكاس الشعاع من الأجسام الصقيلة، كما ذكره الفارابي وغيره من دعاة المشركين.


(١) في (ق) و (م) و (ح) : "القضاء".
(٢) في (المطبوعة) زيادة: " الزمر (٣٩: ٣٦ ٤٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>