للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتصديق الظن والحدس، فكيف تقبل منك هذه الدعوى ونحن نرى قوله ونسمعه؟ ويكفي الحس في إبطال دعواك أنه ليس بجهول، وهل هذا الذي صدر منه إلاَّ غاية الجهل ومنتهى الضلال؟

وأمَّا كون الرسل يقولون لقومهم: اعبدوا الله، والله يقول: ٣٠ {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: ١٨] [الجن ١٨] . فنعم؛ هذا حق وهو دين الرسل، والنزاع بيننا وبينكم في التزامه والعمل به، فكيف تحتج علينا بأن الله تعالى قال هذا، وقد خالفتم مقتضاه، وخرجتم عمَّا دلَّ عليه، وكيف ننهاك (١) عن دعاء غير الله وتحتج علينا بأنك تعلم أنه لا يدعى إلا الله؛ هذا ولو عقلتم المعنى والمقصود من هذه الآيات وأنصفتم لاستراح الخصم، والآفة كل الآفة (٢) مخالفة هذا ومناقضته ممن يتلوه ويؤمن بألفاظه (٣) .

وأما كونه عالماً من علماء الأمة: فهذا من الجهل بالعلم والعلماء، أين العنقاء لتُطْلَب، وأين السمندل ليجلب؟

قال تعالى: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: ١١١] * {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: ١١٢] [البقرة ١١١- ١١٢] هؤلاء هم أهل العلم ورثة الجنة، وسادات الأمة، لو سلم عقلك


(١) في (ق) و (م) : " ننهاكم ".
(٢) في (المطبوعة) زيادة: " في ".
(٣) في (المطبوعة) زيادة: " ويكفر بمعناه ".

<<  <  ج: ص:  >  >>