للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا قوله لا قول المفسرين كما يزعم، بل سترى قول المفسرين، فبهذا الكلام ضرب كتاب الله بعضه ببعض، وكذلك سنَة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبطل بهذا الكلام جميع الشفاعات التي ورد بها الكتاب والسنَّة المتواترة من الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، والشهداء والأولياء والصالحين، والأطفال وغيرهم، فنفى بذلك جميع الشفاعات بما لا علم له به ولا دراية، أولا: نظر إلى مخارج كلام الله وكلام العرب المنزَّل بلغتهم، حيث يقول جلَّ وعلا: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} [محمد: ٧] [محمد -٧] . وقال في الآية الأخرى: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [آل عمران: ١٢٦] [آل عمران -١٢٦، والأنفال -١٠] . فكذلك الشفاعة إنما هي من عطائه لأوليائه؛ ليمتازوا بها عن غيرهم، إكراما لهم بها؛ ليُغْبَطوا بها ذلك اليوم الذي ذكر هذا الرجل حيث يقول صاحب البردة: (إذ (١) الكريم تجلَّى باسم منتقم) . إذ الشفاعة منه تبارك وتعالى من الجزاء الجزيل، والفضل العميم، الذي لا تملك نفس لنفس شيئا ذلك اليوم استقلالا، بل الكل من عند الله: الشافع والمشفع والشفاعة) . وأطال الكلام بهذا المعنى، وأن الشفاعة لا تكون بيد أحد من دون الله، إذ الكل خلق الله وأسباب، وأن الشيخ لا يدري كلام الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وأنه جاهل بكلام العرب وبلاغتها التي نزل القرآن بلغتها، ولا يميز بين الكلام الإضافي من المطلق والاستقلالي، وأنشد قول جرير بن الخطفان: (٢) .


(١) في (ق) و (ح) و (المطبوعة) : "إذا".
(٢) في (المطبوعة) : "الخطفي".

<<  <  ج: ص:  >  >>