للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يقصدون ولا يعبدون؟ لأن الله أنكر ذلك على من قصد المسيح وعزيرا لأجله وهيَّأهم له، والتجأ إليهم في تحصيله ونيله (١) . فالآيات القرآنية وكلام المفسرين من أهل العلم حجة لنا، وشاهد للأمر بتجريد التوحيد وإخلاص الدين، والنزاع بيننا ليس في إثبات الشفاعة، وإنما هو في طلبها من الأموات والغائبين، والمعترض ملبس مموه، فنعوذ بالله من التلبيس المفضي بصاحبه إلى مرضاة إبليس. ثم قول المعترض: (فهل ترى صاحب البردة طلب ذلك استقلالا، بل ولم يقصد طلبه في الحال دائما استحضر يوم القيامة) . فجوابه: أن النزاع في نفس الطلب والدعاء لأجل الشفاعة، وأمَّا الاستقلال وعدمه فليس من محل النزاع، ومشركو العرب لا يدَّعون الاستقلال لآلهتهم، ولا يرونه، وإنما أتوا من حيث الوساطة والشفاعة، والشافع ليس بمالك لا حقيقة ولا مجازا، وغاية ماله الجاه والمنزلة، [١٦٩] ، وهي المقصودة (٢) لجمهور المشركين من اليهود والنصارى وجاهلية العرب. ولا قائل باستقلال أحد من دون الله بشيء (٣) إلا الثنوية ومن على طريقتهم ممن يثبت خالقين وربين، وبهذا تعرف أن المعترض من أجلاف الجاهلية لا تمييز عنده بين شرك المشركين وتعطيل المعطلين، ودين أنبياء الله المرسلين، وليس عنده إلا خبط عشواء ومقالة عمياء، وكون صاحب البردة استحضر يوم القيامة، لا يكون عذرا له في دعاء


(١) في (ق) : "مع نيله) .
(٢) في (م) و (ح) : "المقصود) .
(٣) في (ق) و (م) : "بشيء من دون الله".

<<  <  ج: ص:  >  >>