للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب أن يقال: أما معنى قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي طالب: " «قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله» "، فهذه الكلمة هي الفارقة بين المؤمن والكافر والمسلم والمشرك، فمن قالها موقنا بها خالصا من قلبه ومات على ذلك نفعته بلا ريب، ونجا بها من الشرك الأكبر، وربَّما نجا من الأصغر.

وقد وعد الله تعالى من مات على ذلك بالجنَّة والنجاة من النار، كما في حديث عتبان: " «فإن الله حرَّم على النار من قال لا إِله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله» " (١) وهذا الحديث مطابق لقوله -صلى الله عليه وسلم-: " «يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئا» "، فإن السبب الذي تحصل به النجاة والسعادة في الدنيا والآخرة هو ما أرشد إليه عمه، وقاله لابنته وهو الإيمان بالله وترك التعلُق على غيره، واتّخاذ الشفعاء والأنداد، وهذا محض التوحيد الذي دلَّت عليه كلمة الإخلاص، فالأحاديث النبوية يصدق بعضها بعضا ويشهد بعضها لبعض.

وكذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- لابنته: " «فإنه نعم السلف أنا لك» "، وهو سلف لكل مؤمن وفرَط لهم لكن ليس فيه أنه سلف لمن تعلَّق عليه ودعاه مع الله؛ ولا أن السلف يهيِّئ غير ما أمر به وأرشد إليه، ولا أنه يدعى ويرجى للشفاعة وغيرها، فليس في هذه الأحاديث أنه يغني حتى يضرب كلامه -صلى الله عليه وسلم- بعضه ببعض ويرد عليه، ويقال: بل يغني. فإن هذا مشاقة لله ولرسوله، ورد لمقاله وتقدَّم بين يديه. وهو حرفة (٢) الجاهلين الذين لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يفقهوا عن الله ورسوله (٣) .


(١) أخرجه البخاري والطيالسي وتقدم، انظر: ص (١٣٤) ، هامش ٥.
(٢) في (المطبوعة) زيادة: "الضالين".
(٣) في (ق) و (م) زيادة: "وليس هذا الحديث في الصحيحين كما زعم هذا المرتاب وهو من أقل الناس حظا في معرفة الكتاب والسنَّة ومعرفة الأسانيد والمخرجين، وقد يجد بعض الكتب في كوة الدار فينقل منها من غير دراية لمصطلح أهل الآثار والأخبار.
يظن الغمر أنَ الكتب تنبي ... أخافهم لإدراك العلوم ".

<<  <  ج: ص:  >  >>