للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاجتباء، ولا قائل من الناس بأن كل مدعِ للإيمان والإسلام يدخل في هذا العموم من غير تحقيق لدعواه بالإيمان بالله وتوحيده؟ وإثبات صفات كماله ومتابعة رسله، ومن قال غير هذا فخطأه أوضح من أن ننبه عليه.

ومعلوم: أن الزنادقة والجهمية والاتحادية والحلولية كلهم يدعون أنهم من المصطفين ومن أتباع الرسل، وكل هؤلاء ما أورثهم -صلى الله عليه وسلم- كتابه ولا اصطفاهم، ومن زعم غير ذلك فهو شاهد زور، ولو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال دماء قوم وأموالهم لكن البينة على من ادَّعى" (١) . وقال تعالى: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: ١١١] الآية [البقرة / ١١١ / ١١١] .

فقد حكم تعالى في هذه الآية بحكم (٢) لا مطمع بعده لمبطل مشرك أن يكون من أهل الجنة وأهل الاصطفاء المستحقين للثواب.

فإن قوله: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ} [البقرة: ١١٢] (٣) [البقرة -١١٢] .

(يُخْرج كل مشرك يعدل بربه، ويسوي بينه وبين غيره في خالص حقِّه، وقوله {وَهُوَ مُحْسِنٌ} [لقمان: ٢٢] ) (٤) يخرج كل مبتدع لم يأتِ بما وجب من المتابعة، والسير على المنهاج المحمدي في أصول الدين وفروعه، وهذان الصنفان ليسوا من أهل الاصطفاء, والنزاع فيهم، وفي قوله: مِن عِبَادِنَا


(١) سبق تخريجه، انظر ص (٥٠) .
(٢) في (ق) و (م) : "حكما ".
(٣) في (ق) زيادة: وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
(٤) ما بين القوسين ساقط من (ق) .

<<  <  ج: ص:  >  >>