للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موته صلى الله عليه وسلم، ويريد أن من منع ذلك فقد أخطأ وضلَّل الأمة، وخطأهم بغير حق، هذا مراده، فسبحان من طبع على قلبه حتى انعكس عليه الأمر، وصار يفهم من النصوص والألفاظ النبوية خلاف ما دلت عليه، فإن من دعا غير الله وأشرك به، وتعلق على الأنبياء والملائكة والصالحين، وجعلهم منتهى طلبه وغاية قصده، أو سوى بينهم وبين الله في خالص حقِّه ليس داخلًا في الحديث، وليس مرادًا به؛ لأن لفظ الأمة في مقام المدح والوعد لا يدخل فيهم أهل الشرك بالله الذين سووا (١) بينه وبين غيره، وعدلوا بربهم، وأنابوا إلى سواه، واعتمدوا على غيره، كحال عبَّاد القبور الذين هم محل النزاع بيننا وبين هؤلاء الضُّلاَّل، وكونه صلى الله عليه وسلم اختار الشفاعة أو أعطى الشفاعة لا يدلُّ على أنه يقصد لها ويدعى لها (٢) بعد موته، فإنَّ أصل الشرك هو دعاء الأموات والاستغاثة بهم، وفَرْقٌ بين حال الحياة وحال (٣) الممات.

يوضِّح هذا: أنَّ أعلم الخلق به وبدينه وهديه صلى الله عليه وسلم لم يطلب أحد، منهم بعد موت النبي (٤) صلى الله عليه وسلم منه شيئًا لا شفاعة ولا غيرها، بل نهوا عن استقبال القبر حال الدعاء، فكيف بدعائه صلى الله عليه وسلم؟ ومنعوا المسلم أن يصلي إلى القبر خشية الفتنة، فأحاطوا قبره الشريف بجدار مثلث لئلا يصل أحد إليه، وسيرتهم في قبور أصحابه وصالحي أمته كذلك ينهون عن الدعاء عندها والصلاة وعن قصدها لشيء من ذلك، وعن رفعها واعتياد المجيء


(١) في (ق) و (م) : "الذي سوَّى".
(٢) ساقطة من (ق) و (م) .
(٣) ساقطة من (ق) و (م) .
(٤) في بقية النسخ: "موته صلى الله عليه وسلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>