للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجواب أن يقال: كلما أبدى هذا المعترض حجة من جهلياته وضلالاته، أنسانا ما قبلها من خزعبلاته وخرافاته.

وحاصل دعواه في هذا الفصل: أنه لا يَكْفُر إلاَّ من عرف وعلم، واختار الكفر على الإيمان، ومن دعا الأموات والغائبين وجعلهم وسائط بينه وبين الله في حاجاته وملماته لا يكفر بذلك؛ لأنه لا يعلم أنه كفر ولا يختار الكفر.

فيقال لهذا: قد رجعت عن قولك الأول، فإنك جعلتهم خير أمة أُخرجت للناس ومن أهل العلم والدين، وأن الرسول قد أعطى الشفاعة، وأن من سأله - كالبوصيري - مثاب مصيب، وأن عُبَّاد القبور هم أهل لا إله إلاَّ الله، وأنها تنفعهم وتعصم دماءهم وأموالهم، وإن عبدوا (١) القبور، فكيف ترجع هنا وتحتج بأنهم لا يعلمون؟ .

ثم هو احتجاج فاسد في نفسه، ما عرف مورده (٢) معناه، وما أريد منه، فإن المقصود أن يعلم مراد المعلم والمنبِّه والمرشد، ويعرف ذلك، وليس المقصود أن يتبين له الصواب في نفس الأمر، فإن كثيرًا من أهل النار ما عرفوا (٣) الحق في الدنيا ولا تبين لهم.

قال تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا - الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: ١٠٣ - ١٠٤] [الكهف / ١٠٤ ,١٠٣] .

وقال تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} [الزخرف: ٣٦]


(١) في (ح) "عبد".
(٢) في (ق) : "مورد".
(٣) في (ح) : "عرف".

<<  <  ج: ص:  >  >>