للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقاتلوا عليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، الذي هو من النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعده، كما في الصحيحين وغيرهما، وكفَّروه بذلك، وقد ذكر هذه القاعدة العلامة ابن قندس في حاشيته على الفروع، ونقل كلام أبي العباس (١) وابن قندس رحمهما الله تعالى؛ لأنهما ذكرا أن هذه الصورة التي ذكرها هذا الرجل بعينها هي مذهب الخوارج بعينه، ومذهب الخوارج كفانا سيد البشر صلى الله عليه وسلم في رده فيما صح عنه، مع كونهم يقولون من خير قول البرية، وهذا الرجل قد عظم هذه المسألة أشد التعظيم، كما ترى بالحض عليها، وجعلها مهمة بحيث دعا إلى الاهتمام بها وبلزومها والعمل بموجبها، وأنه يكثر الجهل من الموحدين بها، وصدق في ذلك بل كل الموحدين بحمد اللَّه تعالى لا يعتقدونها، ولا يعرفونها؛ لأنها جهل ليس بعلم، والجهل لا يسمى علما على الصحيح عند الأصوليين، وهذا الرجل قد جعل المخالف لها كافرا أعظم من كفر فرعون وإبليس وأمثالهما، فإذا كان هذا كلامه في هذه المسألة فماذا يزيد الإيمان وينقص حتى يكون أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة من (٢) خردل من إيمان، كما في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة، والخردلة أدون (٣) من الذرة بكثير، فهذه حال أهل الأهواء لا يتبعون أهل الحق ولا يهتدون سبيلاً لتناقضهم، وتقطيع آَثارهم بالأهواء، وتحكيم عقولهم بالجهل،


(١) في (م) زيادة: "على ذلك وقرره فحينئذ لا يحتاج كلام هذا الرجل لذكر رد عليه مع كلام أبي العباس".
(٢) ساقطة من (المطبوعة) .
(٣) في (م) : "أدنى"، وفي (ح) : "أو دون".

<<  <  ج: ص:  >  >>