للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمصارهم، ونصبوا القضاة، وشيدوا المنار (١) على مساجدهم لداعي الفلاح آناء الليل وأطراف النهار، ظاهرين مظهرين لذلك، قد بذلوا عليه الأموال والأنفس، يجاهدون عليه من أنكره من أهل الكتاب وغيرهم، حتى بنجد قد شيدوا منارها بعلمائها، ولا والله نعلم إلا ما شاء الله على مساجدها وأئمتها ومدارس قرائها (٢) ومساقيها وسرجها أوقافًا إلا من هؤلاء الذين كفَّرهم هذا الرجل، ويسميهم بالكفار أهل الجاهلية) . والجواب أن يقال: لا بدَّ من ذكر كلام الشيخ ليتبين مراده، ويعرف ما في كلام هذا المعترض من التحريف والحذف لما يبين مراد الشيخ وموضوع كلامه.

قال الشيخ (٣) (الموضع الثاني: أنه - صلى الله عليه وسلم لما قام ينذرهم عن الشرك ويأمرهم بضده وهو التوحيد؛ لم يكرهوا ذلك واستحسنوه وحدَّثوا أنفسهم بالدخول فيه؛ إلى أن صرَّح بسب (٤) دينهم، وتجهيل علمائهم، فحينئذٍ شمروا له ولأصحابه عن ساق العداوة، وقالوا: سفه أحلامنا، وعاب ديننا، وشتم آلهتنا؛ ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم لم يشتم عيسى وأمه ولا الملائكة ولا الصالحين؛ لكن لما ذكر أنهم لا يُدعون (٥) ولا ينفعون ولا يضرون؛ جعلوا ذلك شتمًا، فإذا عرفت هذا عرفت أن الإنسان لا يستقيم له إسلام [١٦] ، ولو وحَّد الله وترك الشرك إلا بعداوة المشركين، والتصريح لهم بالعداوة


(١) في (المطبوعة) : " المنائر ".
(٢) في (المطبوعة) : (ومدارسها وقرائها) .
(٣) انظر: "الدرر السنية" (٨ / ١١٣) .
(٤) في (ح) : "بسبب"، وهو خطأ.
(٥) في (المطبوعة) : "لا يسمعون".

<<  <  ج: ص:  >  >>