للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

[بسم الله الرحمن الرحيم] (١):

اقتداءً بالكتاب العزيز، والآثارِ النبويَّة والإجماع؛ لافتتاحِ الكتاب بها، وقولِه -عليه الصلاة والسلام-: «كلُّ أمرٍ ذِي بَالٍ لا يُبْدَأُ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم»، كما في روايةٍ: «فهو أَبتَرُ»، أو: «أَقْطعُ»، أو: «أجْزَمُ» (٢)، أي: ناقصٌ وقليلُ البَرَكة، والباء للاستعانة متعلِّقة بمحذوفٍ تقديرُه: أؤلِّف، ونحوه، وهو يَعمُّ جميعَ أجزاء التأليف؛ فيكون أوْلى مِن: أَفتتِح، ونحوِه؛ لإيهام قَصْرِ التَّبرُّك على الافتتاح فقط.

و «الله»: عَلَمٌ للذات الواجب الوجود؛ فَيَعمُّ الصفاتِ أيضًا.

«الرحمن»: المُنعم بجلائل النِّعم، كَميَّة أو كيفيَّة.

و «الرحيم»: المُنعم بدقائِقها كذلك، وقُدِّم الأول؛ لدَلالته على الذات، ثم الثاني؛ لاختصاصه به، ولأنَّه أبلَغُ من الثالث؛ فقُدِّم عليه ليكونَ له كالتَّتِمَّة، وليس من باب الترقِّي المقتضي لتقديم الأدنى على الأعلى، على حُكم قاعدة وأسلوب اللغة العربية، نحو: فلان عالم نِحْرير (٣)، وجَوَاد فَيَّاض، وإيضاحُ


(١) زيادة من (أ) و (ب).
(٢) أخرجه الرهاوي في الأربعين كما في الجامع الصغير للسيوطي (٢/ ١٥٨)، والخطيب في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: (٢/ ٦٩) بلفظ: أبتر، والسبكي في طبقات الشافعية الكبرى (١/ ١٢) بلفظ: أقطع، وراجع الكلام على لفظ أجزم بالضعيفة (٩٠٢)، قال الحافظ في الفتوحات الربانية (٣/ ٢٩٠): في سنده ضعف.
(٣) قال أحمد بن عبد الكريم الأشموني كما في هامش النسخة (أ): النحرير -بكسر النون- هو الذي له نظر دقيق في تقدير الكلام، قيل: النون فيه زائدة، فيكون النحرير من حرّر الكلام: إذا أمعن النظر فيه ودققه، وقيل: أصلية من النحر، وهو الصدر، فكأن معناه: صدر في التحرير، وكل منهما يدل على مبالغة العالم الذي يزين الكلام بتقديره وتحريره، ومنه سُمِّي علماء التورية المحققون أحبارًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>