للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ذلك: أنَّ الأبلغ إذا كان أخصَّ ممَّا دونَه، ومُشتملًا على مفهومه؛ تَعيَّن [هنا كطريقة] (١) الترقي؛ إذ لو قُدِّم الأبْلَغ كان ذِكرُ الآخَرِ عاريًا عن الفائدة، كما في المثالين المذكورين؛ فإنَّ النِحْريرَ والفَيَّاض مشتملان على مفهومَي العالِم والجَوَادِ مع زيادة، وأمَّا إذا لم يكن الأبْلَغُ مشتملًا على مفهوم الأدنى كالرحمن الرحيم، إذا أُريدَ بالأول جلائلَ النعم، وبالثاني دقائقَها، جاز سلوكُ كلُّ واحد من طريق التتميم والترقي؛ نظرًا إلى مقتضى الحال، ولَما كان المنظورُ إليه بالقصد الأول في مقام العظمة والكبرياء جلائل النعم وأصولها دون دقائقها؛ قُدِّم «الرحمن» وأُردِف «الرحيم» كالتَّتمة؛ تنبيهًا على أنَّ الكل منه، وأنَّ عنايتَه -سبحانه وتعالى- شاملةٌ لذوات الوجود؛ فلا (٢) يُتَوهَّمُ أن حَقيراتِ الأمور لا تَليق بذاته، فيُحتَشَم معه (٣) سؤالُها (٤).


(١) في (أ): [هناك طريق].
(٢) في (هـ): [كما].
(٣) في (هـ): [من].
(٤) ملخصا من تفسير البيضاوي (١/ ٢٧)، والتفسير الكبير للرازي (١/ ١٤٩)، وأنسب ما قيل في هذا المبحث أنه قدّم لفظ الجلالة «الله» على «الرحمن الرحيم» لأن الله اسم ذات في الأصل، والرحمن الرحيم اسما صفة في الأصل، والذات متقدمة على الصفة، وقدم «الرحمن» على «الرحيم» لأن الرحمن خاص بالله تعالى بخلاف الرحيم، وأما قول بني حنيفة في مسيلمة الكذاب: رحمان اليمامة؛ وقول شاعرهم:
وأنت غيث الورى لا ذلت رحمانا
فأجاب عنه الزمخشري بقوله: «هذا من تعنتهم بالكفر». ينظر: غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب (١/ ١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>