للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: وهو مَنْ لا تَقْتَضي بدعَتُهُ التَّكفيرَ أَصلًا، وَ قَد اختُلِفَ أَيضًا في قَبُولِهِ ورَدِّهِ:

فَقِيلَ: يُرَدُّ مُطلَقًا، وهُو بَعيدٌ.

وأَكثرُ مَا عُلِّلَ بهِ أَنَّ في الرِّوايةِ عنهُ تَرْويجًا لأمرِهِ، وتَنْويهًا بذِكْرِهِ.

وعَلَى هَذا، فيَنْبَغي أَلَّا يُرْوى عنْ مُبْتَدعٍ شيءٌ يُشارِكُهُ فيهِ غيرُ مُبتدعٍ.

وَقيلَ: يُقْبَلُ مُطْلقًا إِلَّا إِن اعْتَقَدَ حِلَّ الكَذِبِ، كما تقدَّمَ.

وَقيلَ: يُقْبَلُ مَنْ لَمْ يَكُنْ داعِيةً إِلى بِدعَتِهِ؛ لأنَّ تزيينَ بِدعَتِهِ قد يَحْمِلُهُ على تَحريفِ الرِّواياتِ وتَسويَتِها على ما يقتَضيهِ مذهَبُهُ، وهَذَا في الأصَحِّ.

وأَغْرَبَ ابنُ حِبَّانَ، فادَّعى الاتِّفاقَ على قَبُولِ غيرِ الدَّاعيةِ مِن غيرِ تفصيلٍ.

نَعَمْ، الأكثرُ على قَبُولِ غيرِ الدَّاعِيَةِ إِلَّا إنْ رَوَى ما يُقَوِّي بِدْعَتَهُ، فيُرَدُّ عَلَى المَذْهَبِ المُخْتارِ، وَبِهِ صرَّحَ الحافِظُ أَبو إِسحاقَ إِبراهيمُ بنُ يعقوبَ الجُوزَجانِيُّ شيخُ أَبي داودَ، والنَّسائِيُّ في كتابِهِ «معرفة الرِّجال»، فَقَالَ في وَصْفِ الرُّواةِ: «وَمِنهُم زائغٌ عن الحَقِّ -أَيْ: عنِ السُّنَّةِ- صادقُ اللَّهجَةِ، فليسَ فيهِ حيلةٌ إِلَّا أَنْ يُؤخَذَ مِن حديثِه غير ما لا يكونُ مُنْكرًا إِذا لم يُقَوِّ بهِ بدْعَتَهُ». اهـ.

[قوله] (١): «والثَّاني»:

أي: النَّوع الثاني من نوعي البدعة، هي: بدعة من لا يقتضي بدعته التكفير أصلًا، لا حقيقةً ولا مَجازًا، وبهذا غايَر ما قبله.

قوله: «وهو بَعِيدٌ»:

قال ابن الصَّلاح (٢): إنَّه بعيد مُباعِدٌ للشائع عن أئمة الحديث؛ فإنَّ كتبهم


(١) زيادة من: (أ) و (ب).
(٢) معرفة أنواع علوم الحديث (ص ١١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>