للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

طافِحَة بالرواية عن المبتدعة غير الدُّعاة.

[قوله] (١): «وأكْثرُ ما عُلِّلَ به»:

لا يُحمل على غاية ما عُلِّل به كذا؛ لِمَا علمت من العلَّة المذكورة؛ إذ هي أقوى ممَّا ذَكَره فلا يَنْهَض حجَّة، فيُحْمل على كثرة الاستعمال فيما تداولوه بينهم، وهذا القول هو الذي نقله الآمِديُّ (٢) عن الأكثرين، وجَزَم به ابن الحاجب (٣)، ومعنى الإطلاق فيه: سواء كان داعية أو غير داعية، كما هو قاعدة وقوع الإطلاق في مقابلة تفصيل سابِقٍ أو لاحَقٍ، ثُمَّ إنَّ مُجَرَّد الرواية عنه لا يقتضي ترويجًا، وإنَّما يقتضي ذلك قَبولَ روايته؛ ففي الكلام حَذفٌ يقتضيه المقام، فإنَّ بقَبول روايته يُتَطرَّق لقَبول بدعته، خصوصًا مع اتصافه ظاهرًا -بزعمه- بصفات القَبول؛ من: عدالته وضبطه وعدم اتهامه؛ إذ لا يُقبل إلَّا روايةُ من هو كذلك، فتروج بدعته أنْ يَقبل وتجوز، من: راجت الدراهم؛ إذا تُعُومل بها وجازت بين النَّاس ولم تُرد.

وأمَّا التنويه: أي: الإعلام بذِكْره فهو موجود مع الرواية عنه مُطْلَقًا كما لا يخفى، ولقائل أنْ يقول: كيف ساغَ توثيق مبدَّع، وحدُّ الثقة: العدالة والإتقان، فكيف يكون عدلًا من هو صاحب بدعة؟ وعندي أنَّ الجواب هو: أنَّ العدالة كافية ولو بالنظر لدعوى صاحبها حيث لم يُعرَف بذنبٍ يرفعها، والمتأوِّل هذا حاله.


(١) زيادة من: (أ) و (ب).
(٢) الإحكام (٢/ ٨٣).
(٣) رفع الحاجب (٢/ ٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>