للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونقلَ ابنُ عبدِ البرِّ فيهِ الاتِّفاقَ، قالَ: «وإِذا قالَها غيرُ الصَّحابيِّ، فكذلك ما لم يُضِفْها إِلى صاحِبِها كسُنَّةِ العُمَرينِ».

وفي نَقْلِ الاتِّفاقِ نَظَرٌ، فعَنِ الشَّافعيِّ في أَصلِ المسأَلةِ قولانِ.

وذَهَبَ إِلى أَنَّهُ غيرُ مرفوعٍ: أَبو بكرٍ الصَّيرفيُّ مِنَ الشَّافعيَّةِ، وأَبو بكرٍ الرَّازيُّ مِن الحنفيَّةِ، وَابنُ حزمٍ مِن أَهلِ الظَّاهِرِ، واحتَجُّوا بأَنَّ السُّنَّةَ تَتردَّدُ بينَ النبيِّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وبينَ غيرِهِ، وأُجِيبوا بأَنَّ احْتِمالَ إِرادةِ غيرِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- بعيدٌ.

[قوله] (١): «قال: وإذا قَالَهَا»:

أي: قال ابن عبد البرِّ: وإذا قال غير الصحابيِّ وهو التابعيُّ الصيغةَ المذكورة، وهي: «من السنة كذا»؛ فإنَّه يكون حُكْمه الرفع، «مالم يُضِفْهَا» أي: مُدة عَدَم إضافتها، «إلى صاحبها» أي: إذا كان صاحبها غَيرَ النبيِّ -عليه الصلاة والسلام-، «كالعُمَرين» وذلكَ كقول عُبَيدِ الله بن عبد الله بن عُتبة التابعيِّ كما في «سنن البيهقي» (٢): «السنة تكبير الإمام يوم الفطر ويوم الأضحى حين يجلس على المِنبر وقبل الخطبة تسعَ تكبيرات»، فإنَّ المنقول عن القوم تَصحيح أنَّه موقوفٌ على الصحابيِّ لا مرفوعٌ، وحكى النوويُّ فيه وجهين عن الأصحاب:

أحدهما: أنَّه موقوف متَّصِل، ثانيهما: أنَّه مرفوع مرسَل، وصحَّح هو أولهما أيضًا، كما ذَهَب إليه الأكثر؛ فما قاله ابن عبد البرِّ مقابِل المُصحَّح وقول الأكثرين، وفيه إجمالٌ؛ إذ قضيَّته أنَّه مرفوع متَّصِل، اللهمَّ إلَّا [أن] (٣) يكون سَكَت عن الإرسال لوضوحه.


(١) زيادة من: (أ) و (ب).
(٢) السنن الكبرى، للبيهقي (٦٢١٦).
(٣) زيادة من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>