للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الماء عليهما في قليل النجاسة وكثيرها، بل قالوا لا يمتنع من الصلاة في الثَّوْبِ أن يكون فيه قدر الدرهم البغلي من النجاسة، ويُفسد الماءَ قليلُها وكثيرُها (١)، ألا فاعجبوا لهذ التلوث (٢)! !

فقال قائلهم: قد صح الإجماع على أن الثوب لا ينجس بظهور أثر النجاسة فيه بعد غسلها، وصح الإجماع في الماء بخلاف ذلك - قلنا: كذبتم، قد سئلت عائشة أم المؤمنين عن الثوب يكون فيه الدم فيغسل فلا يزول أثره، فأمرت أن يُغَيَّرَ بزعفران (٣) فَبَطَلَتْ دعواكم في الإجماع، ثم لو صدقتم في ذلك لكان ذلك حجة عليكم، إذ قد أقررتم بالإجماع على التفريق بين حكم الماء، وحكم الثوب؛ وعلى إبطال قياس أحدهما على الآخر، فقيسوا ما اختلف فيه من قياس حُكْمِ أحدهما على الآخر، على ما اتفق عليه من منع قياس أحدهما على الآخر؛ فهذا أصح قياس يوجد لو كان القياس [الشرعي] (٤) حقا! !

وقاسوا البئر تقع فيها الفأرة والسنور والعصفور، على السمن الجامد تموت فيه الفأرة، فتؤخذ وما حولها؛ ويؤكل سائر السمن (٥)؛ ولم


(١) انظر: المختصر (ص ١٦) والهداية (١/ ١٩) وبدائع الصنائع (١/ ٧٣).
(٢) التلوث من اللوثة بالضم وهو الحمق ومس الجنون، وانظر القاموس مادة لوث (ص ٢٢٥).
(٣) أخرجه الدارمي في الطهارة، باب المرأة الحائض تصلي في ثوبها إذا طهرت برقم (١٠٠١) عن معاذة العدوية عن عائشة قالت: "إذا غسلت المرأة الدم، فلم يذهب فلتغيره بصفرة ورس أو زعفران".
(٤) ما بين معكوفين ساقطٌ من (ت).
(٥) انظر: الهداية (١/ ٢٢ - ٢٣)، وبدائع الصنائع (١/ ٦٦).