للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقيسوا ماء البئر المذكور على السمن المائع يموت فيه الفأر فيحرم أكله كله، فهذا القياس أصح من قياسهم المذكور، لأن ماء البئر مائع؛ وليس جامدا، فهو يشبه السمن المائع لا الجامد بلا شك؛ ولم يقيسوا ماء البئر تقع فيه الميتة؛ على السمن الجامد تقع فيه الميتة.

بل قالوا: تخرج الميتة أي ميتة كانت وما حولها؛ ويؤكل الباقي؛ وأوجبوا نزح البئر من الشاة تموت فيها؛ ومن الفأر ينتفخ فيها (١)؛ ولم يقيسوا الماء في الإناء، أو في الجُب (٢) يقع فيه الفأر، فيموت فيه على السمن الجامد في الإناء يقع فيه الفأر، فيموت فيه، بل أوجبوا هرق كلِّ نقطة في الجب، أو الإناء بخلاف السمن الجامد، فاعجبوا لشدة استخفاف هؤلاء القوم بالديانة؛ أو لشدة سخفهم، لا مخلص لهم -والله- من إحدى الحالتين؛ ومن التورط في هاتين الخُطَّتين، نعوذ بالله من كلتيهما.

وقاسوا الذي لَاقَى النجاسة، أو ما لاقاه من الماء على النجاسة فحرموه كله؛ ولم يقيسوا على النجاسة، ولا على الماء الذي لاقاها الماء الذي في طرف الغدير، الذي إن حُرِّك طرفه، لم يتحرك الطرف الآخر (٣).

وقاسوا ما شرب فيه الخنزيرُ والحمارُ والبغلُ والسَّبع، على ما ولغ فيه


(١) انظر: المختصر (ص ١٦) والهداية (١/ ٢٣).
(٢) الجب: بضم أوله: البئر التي لم تطو. وانظر مختار الصحاح مادة جب (ص ٦٧).
(٣) انظر: المختصر (ص ١٦) والهداية (١/ ١٩ - ٢١) وبدائع الصنائع (١/ ٧٢).