للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وموجبها معها، فليس ذلك إلا في الطبيعيات فقط" (١).

وإنما نَفَّرَ ابنُ حزم من التعليل لأن القائل بذلك لا يَسْلَمُ من حيرة، أو تناقض، أو تحكم بلا دليل (٢). ويرى بعض الباحثين أن نفي ابن حزم للتعليل أدى به إلى الإمعان في طلب الحديث والآثار، والاستكثار من الرواية "ليجد السبيل للأخذ بالظاهر من النصوص ما دام لا يعتمد على الرأي، وقد أتى من ذلك بالثروة المثرية الوفيرة" (٣).

ولقد سَهُلَ على ابن حزم بعد إبطال الرأي في الإجتهاد أن يُنْكِرَ القياس، وينقض أدلة أنصاره والقائلين به (٤)، يقول - وهو يحكي


(١) التقريب لحد المنطق (ج ٤/ ص ٣٠٣) ضمن رسائل ابن حزم.
(٢) التقريب لحد المنطق (ج ٤/ ص ٣٠٤) ضمن رسائل ابن حزم.
(٣) انظر: تاريخ المذاهب الفقهية لأبي زهرة (ص ٥٩٤). وكتب ابن حزم طافحة بالأدلة من الحديث والآثار، ولقد جرد الأستاذ محمد المنتصر الكتاني من المحلى وحده نحوا من سبعمائة حديث بسند ابن حزم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذه الأحاديث مسندة إلى أربعة حفاظ من الأندلس وهم: بقي بن مخلد، وقاسم ابن أصبغ، وأحمد بن خالد الجباني. ومحمد بن عبد الملك بن أيمن القرطبي. وانظر مقدمة معجم فقه ابن حزم الظاهري (ج ١/ ص ٥١ م). ولقد ندب باحث نفسه لجمع مرويات ابن حزم من تآليفه، فوقف من ذلك على العدد الغفير، والكثرة الوفيرة.
(٤) قال الجمهور بجواز التعبد بالقياس: ثم اتفقوا على وقوعه شرعا، ولم يشذ عنهم إلا داود وابنه وعامة أهل الظاهر، نقل ذلك الشيرازي وحكاه ابن الحاجب عن القاشاني والنهرواني، وأكثر من قال بوقوعه شرعا قال: إن الدليل عليه سمعي، وقال القفال والدقاق والبصري: إن الدليل عليه العقل مع الشرع؛ والقائلون بالدليل السَّمعي يقولون: إنَّ دلالته قطعية، والبصري يقول: إنها ظنية: وانظر بسط أدلة كل قول، والاعتراضات على ذلك في: التبصرة في أصول الفقه للشيرازي (ص ٤٢٤ - ٤٢٥) والمنخول (ص ٣٢٥ - ٣٢٦) والمستصفى (ج ٢/ ص ٦٤ - ٦٥)، والبرهان =