للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}: . . . ومن قال بقياسه فقد تعدى حدود الله، وَقَفَا (١) ما لا علم له به، وأخبر عن الله تعالى بما لا يعلم أحد ما عند الله تعالى، إلا بإخبار من الله تعالى بذلك: وإلا فهو باطل. . ." (٢).

٤ - ليس كل القياس حقا، بل فيه باطل، وفي المقاييس ما يناقض بعضٌ بعضًا، فلا بد أن يُصار إلى الترجيح بينها حتى يعلم القياس الصحيح من الفاسد، قال ابن حزم: "ولا سبيل لهم (٣) إلى وجود ذلك أبدا، وإذا لم يوجد دليل على تصحيح الصحيح من القياس، من الباطل منه، فقد بطل كله، وصار دعوى بلا برهان" (٤).

٥ - من قال بالقياس فقد أعظم على الله الفرية: وزعم أنه تعالى ترك عباده هملا، ونسيا منسيا إذ لم يبين لهم في محكم تنزيله، ولا على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - ما القياس؟ وما هي أركانه؟ يقول ابن حزم مبينا هذا الدليل: "من المحال الباطل أن يكون الله يأمرنا بالقياس، أو بالتعليل، أو بالرأي أو التقليد، ثم لا يبين لنا: ما القياس؟ وما التعليل؟ وما الرأي؟ وكيف يكون كل ذلك؟ وعلى أي شيء نقيس؟ وبأي شيء نعلل؟ وبرأي من نقبل؟ ومن نقلد؟ ! لأن هذا تكليف ما ليس في الوسع" (٥).


(١) قفا يقفو: اتبع وسار بأثر الشيء.
(٢) الإحكام في أصول الأحكام (ج ٨/ ص ٣٩٥).
(٣) الضمير راجع على القياسيين.
(٤) المحلى (ج ١/ ص ٥٦).
(٥) ملخص إبطال القياس (ص ٧٣).