للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٦ - لا مستند لأهل القياس في استخراج علل النصوص: فلا بد في القياس من علة موجبة للحكم، تحريما أو تحليلا، لكن يقال لأهل القياس: "أخبرونا عن هذه العلة التي ادعيتموها، وجعلتموها علة التحريم، أو التحليل، أو بالإيجاب، من أخبركم بأنها علة الحكم؟ ومن جعلها علة الحكم؟ فإن قالوا إن الله تعالى جعلها علة الحكم، كذبوا على الله عز وجل، إلا أن يأتوا بنص من الله تعالى في القرآن، أو على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنها علة الحكم، وهذا ما لا يجدونه. . . وإن قالوا: إنها علة لغالب الظن. . . قلنا لهم: فعلتم ما حرم الله تعالى عليكم إذ يقول: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}. . . وعللهم مختلفة، فمن أين لهم بأن هذه العلة هي مراد الله تعالى مِنَّا دون أن ينص لفاعلها؟ ! . . ." (١).

وكان من أثر الاسترسال في تعليل الأحكام "أن تُركت من أجله أحكام القرآن والسنة، حتى عاد المعروف منكرا" (٢).

٧ - إجماع الصحابة على بطلان القياس: يتتبع ابن حزم ما روي عن الصحابة من آثار تفيد إبطال القياس والرأي: ويستخلص من ذلك إجماعهم على المنع ويقول: ". . . بل قد صح عن جميع الصحابة رضي الله عنهم الإجماع على إبطال القياس والرأي، لأنهم وجميع أهل الإسلام يعتقدون بلا شك طاعة القرآن ومما سنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , وتحريم الشرع في الدين عن غير الله تعالى، وهذا إجماع مانع من الرأي


(١) النبذ (ص ١٠٥ - ١٠٦).
(٢) ملخص إبطال القياس (ص ١٠).