للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله نبيه - صلى الله عليه وسلم -: (إن المؤمن لا ينجس) أن المشركين طاهرون، ولا عجب في الدنيا أعجب ممن يقول فيمن نص الله تعالى أنهم نجس: إنهم طاهرون. . ." (١).

ثم يستطرد ابنُ حزم في إيراد ما قد يعترض به الخصم فيقول: فإن قيل: قد أبيح لنا نكاح الكتابيات ووطؤهن، قلنا: نعم، فأي دليل في هذا على أن لعابها وعرقها ودمها طاهر؟ فإن قيل: إنه لا يقدر على التحفظ من ذلك، قلنا: هذا خطأ، بل يفعل فيما مسه لعابها وعرقها مثل الذي يفعل إذا مسه بولها، أو دمها أو مائية فرجها ولا فرق. . ." (٢).

ولما وقف الشيخ العلامة أحمد محمد شاكر على هذا الموضع قال: "القول بنجاسة بدن الكافر وعرقه، وريقه إلى آخره قول شاذ لم أعرفه روي عن أحد من العلماء إلا ما نقله ابن كثير في تفسيره (ج ٤/ ص ٣٧٢) عن بعض أهل الظاهر ولعله يريد المؤلف وإلا ما نقله الطبري في تفسيره (ج ١٠/ ص ٧٤) عن الحسن: "لا تصافحوهم، فمن صافحهم فليتوضأ". . .. والمؤلف إنما أتى بمغالطات زعمها أدلة، وقد أباح الله للمؤمنين طعام أهل الكتاب ومؤاكلتهم، ولن يخلو هذا من آثارهم، وزواج الكتابيات يدعو إلى مخالطتهن أتم مخالطة، مما لا يمكن معه الاحتراز عن ريقهن وعرقهن في بدن المؤمن وثوبه وفراشه، والآية ظاهرة في أن المراد نجاستهم المعنوية من جهة


(١) المحلى (ج ١/ ص ١٣٠).
(٢) انظر: المصدر السابق.