للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقين علم به، فكان ذلك ضلة من الرأي، وغبنا فيه" (١).

ويُضيف الخطَّابي قائلًا: "وتَرَى أصحاب أبي حنيفة لا يَقْبَلُون من الرواية عنه، إلَّا ما حَكَاهُ أبو يوسف ومحمد بن الحسن والعِلْيةُ مِنْ أصحابه، والجلة من تلامذه، فإنْ جَاءَهُمْ عن الحسن بن زياد اللؤلؤي وذويه روايةُ قولٍ بخلافه، لَمْ يقبلوه ولم يَعْتَمِدُوه" (٢).

ويختم الخطابي تعقبه بقوله: "فإذا كان هذا دأبهم (٣)، وكانوا لا يقنعون في أمر هذه الفروع، وروايتها عن هؤلاء الشيوخ إلا بالوثيقة والتثبت، فكيف يجوز لهم أن يتساهلوا في الأمر الأهم، والخطب الأعظم، وأن يتواكلوا الرواية والنقل عن إمام الأئمة، ورسول رب العزة، الواجب حكمه اللازمة طاعته، الذي يجب علينا التسليم لحكمه، والانقياد لأمره من حيث لا نجد في أنفسنا حرجا مما قضاه. . ." (٤).

ومن هنا وُجد كلام في أبي حنيفة من جهة قلة الرواية، وقصر الباع في السماع (٥).


(١) معالم السنن (ج ١/ ص ٤).
(٢) معالم السنن (ج ١/ ص ٤ - ٥).
(٣) يعني الخطابي أصحاب مالك والشافعي وأبي حنيفة ممن يستعمل الرأي ولا يمنع القول بالقياس.
(٤) معالم السنن (ج ١/ ص ٥).
(٥) من العجيب الغريب اغترار ابن خلدون - وهو فيلسوف التاريخ - بما راج من أن أبا حنيفة ليس يعرف من الحديث إلا بضعة عشر حديثا وانظر المقدمة (ج ٣/ ص ١٠٠٩)، وأعجب منه اغترار الخطيب البغدادي بذلك أيضًا، - مع أنه قد أنصف عندما أورد الأخبار المفيدة لذلك بأسانيدها، فأحال على النظر فيها من تلك الجهة - وانظر =