للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المطلقة ترث ما دامت في العدة، إذا طلقها - وهو مريض - ومات من مرضه ذلك، وقالوا: مثل هذا لا يقال بالرأي (١).

ومن الضرب الثاني: أنهم لم يتابعوا ابن عمر في قوله: فيمن تتابع عليه رمضانان وهو مريض - لم يصح بينهما - أنه يقضي الآخر منهما بصيام، ويطعم عن الأول ولا يصومه، قال المؤلف: "فلم يأخذوا بهذا، ولا قالوا: مثل هذا لا يقال بالرأي" (٢).

وكان الحنفية يعمدون إلى قول صحابي واحد، فتارة يأخذون بقوله في مسألة بعينها إذا وافق مذهبهم، ويطرحون تارة أخرى قول ذلك الصحابي بعينه إذا خالف مذهبهم، فيشتد نكير ابن حزم عليهم فيقول: ". . . فليت شعري مَنْ جعل قول علي - الذي لم يصح عنه - في عين الدابة: ربع ثمنها. . . أولى من هذا الذي صح عنه (٣). ولم يقولوا مثل هذا لا يقال بالرأي" (٤).

ويلخص المؤلِّف صنيع الحنفية في هذا الباب قائلا: "ليس لهم قصة مَوَّهُوا فيها بمثل هذا إلا وقد خالفوا مثله، وأدخل منه في بابه مرارا جمة، وكثير مما احتجوا فيه بما ذكرناه لم يصح، أو قد خولف فيه ذلك الصاحب، كتوريث المبتوتة في المرض. . .


(١) الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ٨٩).
(٢) الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ٨٨).
(٣) يشير ابن حزم إلى قول علي في قوله تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ}، قال: هو ربع الكتابة. وانظر: الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ٩٢).
(٤) الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ٩٢).