للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا هو فعل معاذ نفسه وبالله التوفيق، فاعجبوا لعظيم تخليطهم، واحمدوا الله تعالى على السلامة.

واحتجوا في مخالفتهم الخبرَ الصحيحَ في تسليم الأنصار على رسول الله وهو يصلي، فكان عليه السلام يرد عليهم بالإشارة بيده (١)، فقالوا: لعل تلك الإشارة كانت نهيا لهم عن السَّلام عليه في حال الصلاة فقلنا: وما علمكم بذلك؟ وهذا لا يعقل من الإشارة أصلا (٢).


(١) أخرجه أبو داود في الصلاة، باب رد السلام في الصلاة برقم (٩٢٧)، والنسائي في الصلاة، باب رد السلام بالإشارة في الصلاة (٣/ ٥)، والترمذي في الصلاة، باب الإشارة في الصَّلاة برقم (٣٦٦)، وقال: "هذا حديث حسن صحيح"، وابن ماجه في الصلاة، باب المصلي يسلم عليه كيف يرد برقم (١٠٤٧). عن ابن عمر قال: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى قباء يصلي فيه، قال: فجاءته الأنصار، فسلموا عليه وهو يصلي قال -القائل نافع- فقلت لبلال: كيف رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه وهو يصلي؟ قال: يقول هكذا، وبسط كفه. هذا سياق أبي داود.
(٢) يستحب للمصلي أن يرد السلام بالإشارة وإلا فبعد السلام لفظا وبهذا قال ابن عمر وابن عباس ومالك وأحمد وإسحاق وجمهور العلماء، وحكى ابن المنذر والخطابى عن أبي هريرة وسعيد بن المسيب والحسن البصري وقتادة أنهم أباحوا رد السلام في الصلاة باللفظ، وقال أبو حنيفة لا لفظ ولا إشارة، قال ابن المنذر: "هذا خلاف الأحاديث". وعند بعض حنيفة رد السلام في الصلاة بالإشارة من المكروهات، قال: "ولا يفسد الصلاة". واستدل المانعون بحديث أبي هريرة قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء، من أشار في صلاته إشارة تفهم عنه فليعدها يعني الصلاة".
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي (٢/ ٣٦٤): "والجواب أن هذا الحديث ضعيف لا يصلح للاحتجاج، فإن في سنده محمد بن إسحاق وهو مدلس، ورواه عن يعقوب بن عتبة بالعنعنة ... ". وانظر تفاصيل المسألة في: المبسوط (١/ ١٧٠) والمجموع للنووي (٤/ ١٠٤) وحلية العلماء (٢/ ١٥٦) والمغني لابن قدامة (٢/ ٤٥) وتبيين الحقائق (١/ ١٥٧ - ١٦٣) والفتاوى الهندية (١/ ٩٨).