للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القاضي أبي بكر الأبهري المالكي في شرحه لمختصر ابن عبد الحكم، وأمثال ذلك، وجمع في داره الحذاق في صناعة النسخ، والمهرة في الضبط والإجادة في التجليد فاوعى من ذلك كلله، واجتمعت بالأندلس خزائن من الكتب، لم تكن لأحد قبله، ولا بعده" (١).

وأنشا الحَكَمُ مكتبةً عظيمة، جمع لها الدواوين الكثيرة، والمؤلفات العديدة، وجعلها في قصره، قال ابن حزم: "وأخبرني تليد الفتي - وكان على خزانة العلوم بقصر بني مروان بالأندلس- أن عدد الفهارس التي كانت فيها تسمية الكتب أربعة وأربعون فهرسة، في كل فهرسة خمسون ورقة، ليس فيها إلا ذكر أسماء الدواوين فقط" (٢)، وكان الحكم يجلس إلى كتبه "وقلما تجد كتابا في خزائنه، مِنْ أَيِّ فنِّ كان, إلا وله فيه نظر، يكتب فيه بخطه إما في أوله، وإما في آخره، أو في تضاعيفه، نسب الؤلف، ومولده، ووفاته، والتعريف به، ويذكر أنساب الرواة له، ويأتي من ذلك بغرائب لا تكاد توجد إلا عنده لكثرة مطالعته، وعنايته بمختلف الفنون، وكان موثوقا به، مأمونا عليه حتى صار كل ما كتبه حجة، عند شيوخ أهل الأندلس وأئمتهم، ينقلونه من خطه" (٣). وقد أغدق الحكم العطايا على العلماء والأدباء والفقهاء كي تسمو هممهم للتأليف لخزانته، كما كان يستقدم من


(١) انظر: نفح الطب (ج ١/ ص ٣٦٢) وتاريخ ابن خلدون (ج ٤/ ص ١٤٦).
(٢) انظر: جمهرة أنساب الحرب (ص ١٠٠) وقيل أنه جع أربعمائة ألف كتاب في مختلف العلوم.
(٣) انظر: الحلة السيراء (ص ٤٨).