للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا خبر ليس فيه مِنَ الإجارات ولا ما يشبهها؛ وَهُمْ لا يكرهون ابتياع ما ليس عند المرء ثمنه، ولا يأمرونه بالصدقة بربح إن ربح فيه، فخالفوا الخبر الذي احتجوا به في نص ما فيه؛ واحتجوا به فيما ليس فيه منه شيء؛ فاعجبوا لتمويههم البارد، ثم هو بعد خبر فاسد، لأن الثابت أنه عليه السلام ابتاع شعيرا من يهودي، وَرَهَنَهُ درعه، ومات عليه السلام قبل أَنْ يفتكها (١)، فهذا شراء ما ليس عنده ثمنه.

واحتجوا في أَنَّ السَّلَمَ لا يجوز إلا إلى أجل مسمى، ولا يجوز في الحيوان (٢) بالخبر الثابت عن رسول الله: "من أسلف فلا يسلف إلا


(١) أخرجه البخاري في الجهاد، باب ما قيل في درع النبي - صلى الله عليه وسلم -، والقميص في الحرب برقم (٢٩١٦)، وابن ماجه في الرهون برقم (٢٤٣٦)، كلاهما من حديث عائشة قالت: "توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير".
وأخرجه الترمذي في البيوع، باب ما جاء في الرخصة في الشراء إلى أجل برقم (١٢٣١)، والدارمي في البيوع، باب في الرهن برقم (٢٤٨٤) كلاهما من حديث ابن عباس قال: "توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - ودرعه مرهونة بعشرين صاعا من طعام أخذه لأهله".
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح". قال المباركفوري في تحفة الأحوذي (٤/ ٤٠٦): "ولعله - صلى الله عليه وسلم - رهنه أو الأمر في عشرين، ثم استزاده عشرة، فرواه الراوي تارة على ما كان الرهن عليه أولا، وتارة على ما كان عليه آخرا".
(٢) قال أبو حنيفة: لا يصح السَّلَمُ - بفتح السين واللام - الحَالُّ وهو قول مالك وأحمد، واختلفت الرواية عن أصحاب أبي حنيفة في مقدار الأجل، والأصح ما روي عن محمد أنه مقدر بالشهر، لأنه أدنى الأجل وأقصى العاجل. وانظر: المبسوط (١٢/ ١٢٠) وحلية العلماء (٤/ ٣٥٩) وتحفة الفقهاء (١/ ١١) وتبيين الحقائق (٤/ ١١٤) والمحلى (٩/ ١١١)؛ وأما السلم في الحيوان فسيأتي قريبا الكلام عليه.